قال: ولنا إطباق أهل اللّغة على تخصيص الخمر بالعنب، ولهذا اشتهر استعمالها فيه، ولأنّ تحريم الخمر قطعيّ وتحريم ما عدا المتّخذ من العنب ظنّيّ.
قال: وإنّما سُمِّي الخمر خمراً لتخمّره. لا لمخامرة العقل.
قال: ولا ينافي ذلك كون الاسم خاصّاً فيه، كما في النّجم فإنّه مشتقّ من الظّهور ثمّ هو خاصّ بالثّريّا. انتهى.
والجواب عن الحجّة الأولى: ثبوت النّقل عن بعض أهل اللّغة: بأنّ غير المتّخذ من العنب يسمّى خمراً.
وقال الخطّابيّ: زعم قوم أنّ العرب لا تعرف الخمر إلَّا من العنب، فيقال لهم: إنّ الصّحابة الذين سمّوا غير المتّخذ من العنب خمراً، عرب فصحاء، فلو لَم يكن هذا الاسم صحيحاً لَما أطلقوه.
وقال ابن عبد البرّ: قال الكوفيّون: إنّ الخمر من العنب لقوله تعالى: {أعصر خمراً} قال: فدلَّ على أنّ الخمر هو ما يعتصر لا ما ينتبذ، قال: ولا دليل فيه على الحصر.
وقال أهل المدينة وسائر الحجازيّين وأهل الحديث كلّهم: كلّ مسكر خمر , وحكمه حكم ما اتّخذ من العنب.
ومن الحجّة لهم: أنّ القرآن لَمَّا نزل بتحريم الخمر , فهم الصّحابة وهم أهل اللسان , أنّ كلّ شيء يسمّى خمراً يدخل في النّهي , فأراقوا المتّخذ من التّمر والرّطب , ولَم يخصّوا ذلك بالمتّخذ من العنب.
وعلى تقدير التّسليم فإذا ثبت تسمية كلّ مسكر خمراً من الشّرع كان