للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقتصر على الأربعين , لأنّها القدر الذي اتّفقوا عليه , وفي زمن أبي بكرٍ , مستندين إلى تقدير ما فعل بحضرة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , وأمّا الذي أشار به فقد تبيّن من سياق قصّته أنّه أشار بذلك ردعاً للذين انهمكوا , لأنّ في بعض طرق القصّة كما تقدّم أنّهم احتقروا العقوبة.

وبهذا تمسّك الشّافعيّة فقالوا: أقلّ ما في حدّ الخمر أربعون , وتجوز الزّيادة فيه إلى الثّمانين على سبيل التّعزير , ولا يجاوز الثّمانين.

واستندوا إلى أنّ التّعزير إلى رأي الإمام , فرأى عمر فعله بموافقة عليٍّ , ثمّ رجع عليّ ووقف عند ما فعله النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر , ووافقه عثمان على ذلك.

وأمّا قول عليّ " وكلٌّ سنّةٌ " فمعناه أنّ الاقتصار على الأربعين سنّة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فصار إليه أبو بكر، والوصول إلى الثّمانين سنّة عمر ردعاً للشّاربين الذين احتقروا العقوبة الأولى , ووافقه من ذكر في زمانه للمعنى الذي تقدّم. وسوّغ لهم ذلك.

إمّا اعتقادهم جواز القياس في الحدود. على رأي من يجعل الجميع حدّاً.

وإمّا أنّهم جعلوا الزّيادة تعزيراً بناء على جواز أن يبلغ بالتّعزير قدر الحدّ , ولعلهم لَم يبلغهم الخبر الآتي في باب التّعزير (١).

وقد تمسّك بذلك مَن قال بجواز القياس في الحدود , وادّعى إجماع الصّحابة، وهي دعوى ضعيفةٌ لقيام الاحتمال.


(١) يعني: حديث أبي بردة - رضي الله عنه - الآتي بعد هذا في العمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>