للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل ابن العربيّ في " القوانين " عن الشّافعيّ نحو ما تقدّم , وزاد: ولو كان أخاها بنسبٍ محقّقٍ لَمَا منعها كما أمر عائشة أن لَّا تحتجب من عمّها من الرّضاعة.

وقال البيهقيّ: معنى قوله " ليس لك بأخٍ " إن ثبت ليس لك بأخٍ شبهاً , فلا يخالف قوله لعبدٍ " هو أخوك ".

قلت: أو معنى قوله " ليس لك بأخٍ " بالنّسبة للميراث من زمعة , لأنّ زمعة مات كافراً وخلف عبد بن زمعة والولد المذكور وسودة , فلا حقّ لسودة في إرثه , بل حازه عبدٌ قبل الاستلحاق. فإذا استلحق الابن المذكور شاركه في الإرث دون سودة فلهذا قال لعبدٍ " هو أخوك " وقال لسودة " ليس لك بأخٍ ".

وقال القرطبيّ بعد أن قرّر أنّ أمر سودة بالاحتجاب للاحتياط وتوقّي الشّبهات: ويحتمل: أن يكون ذلك لتغليظ أمر الحجاب في حقّ أمّهات المؤمنين كما قال " أفعمياوان أنتما؟ " (١) فنهاهما عن رؤية


(١) أخرجه أبو داود (٤١١٢)، والترمذي (٢٧٧٨) وقال: حسن صحيح، والنسائي في " الكبرى " (٩١٩٧) وغيرهم من طريق ابن شهاب، عن نبهان مولى أم سلمة حدثه , أن أم سلمة حدثته , أنها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احتجبا منه. فقلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟. وأُعلّ بالنكارة وجهالة نبهان مولى أم سلمة.
قال الحافظ في " الفتح " (٩/ ٣٣٧): وإسناده قوي، وأكثر ما عُلّل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان. وليست بعلّة قادحة، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة , ولم يجرحه أحدٌ لا ترد روايته. انتهى. ثم جمع بينه وبين حديث نظر عائشة إلى الحبشة المخرّج في الصحيح.
وقال في " التلخيص " (٣/ ٣١٥): وليس في إسناده سوى نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري. وقد وثّق. وعند مالك عن عائشة , أنها احتجبت من أعمى فقيل لها: إنه لا ينظر إليك. قالت: لكني أنظر إليه. وقال ابن عبد البر: حديث فاطمة بنت قيس يدلُّ على جواز نظر المرأة إلى الأعمى. وهو أصحُّ من هذا. وقال أبو داود: هذا لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصةً بدليل حديث فاطمة.
قلت: وهذا جمعٌ حسنٌ. وبه جمع المنذري في حواشيه , واستحسنه شيخنا. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>