للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولا حجّة في هذا الحديث , لأنّه لَم ينصّ على جواز شراء التّمر الثّاني ممّن باعه التّمر الأوّل، ولا يتناوله ظاهر السّياق بعمومه بل بإطلاقه , والمطلق يحتمل التّقييد إجمالاً فوجب الاستفسار، وإذا كان كذلك فتقييده بأدنى دليلٍ كافٍ، وقد دلَّ الدّليل على سدّ الذّرائع , فلتكن هذه الصّورة ممنوعةً.

واستدل بعضهم على الجواز: بما أخرجه سعيد بن منصورٍ من طريق ابن سيرين , أنّ عمر خطب , فقال: إنّ الدّرهم بالدّرهم سواءٌ بسواءٍ يداً بيدٍ، فقال له ابن عوفٍ: فنعطي الجنيب ونأخذ غيره؟ قال: لا، ولكن ابتع بهذا عرضاً فإذا قبضته وكان له فيه نيّةٌ فاهضم ما شئت , وخذ أيّ نقدٍ شئت.

واستدل أيضاً بالاتّفاق على أنّ من باع السّلعة التي اشتراها ممّن اشتراها منه بعد مدّةٍ فالبيع صحيحٌ , فلا فرق بين التّعجيل في ذلك والتّأجيل، فدلَّ على أنّ المعتبر في ذلك وجود الشّرط في أصل العقد وعدمه , فإن تشارطا على ذلك في نفس العقد فهو باطلٌ، أو قبله ثمّ وقع العقد بغير شرطٍ فهو صحيحٌ. ولا يخفى الورع.

وقال بعضهم: ولا يضرّ إرادة الشّراء إذا كان بغير شرطٍ، وهو كمن أراد أن يزني بامرأةٍ ثمّ عدل عن ذلك فخطبها وتزوّجها فإنّه عدل عن الحرام إلى الحلال بكلمة الله التي أباحها، وكذلك البيع. والله أعلم.

وفي الحديث جواز الوكالة في البيع وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>