وقال النّوويّ: ليس المراد من التّحديد ظاهره، بل كلّ ما يسمّى سفراً فالمرأة منهيّة عنه إلاَّ بالمَحرم، وإنّما وقع التّحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه.
وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السّائلين.
وقال المنذريّ: يحتمل أن يقال: إنّ اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، يعني فمن أطلق يوماً أراد بليلته. أو ليلة أراد بيومها , وأن يكون عند جمعهما أشار إلى مدّة الذّهاب والرّجوع، وعند إفرادهما أشار إلى قدر ما تقضي فيه الحاجة.
قال: ويحتمل: أن يكون هذا كلّه تمثيلاً لأوائل الأعداد، فاليوم أوّل العدد والاثنان أوّل التّكثير والثّلاث أوّل الجمع، وكأنّه أشار إلى أنّ مثل هذا في قلة الزّمن لا يحلّ فيه السّفر فكيف بما زاد؟.
ويحتمل: أن يكون ذِكْر الثّلاث قبل ذِكْر ما دونها , فيؤخذ بأقلّ ما ورد في ذلك , وأقلّه الرّواية التي فيها ذكر البريد، فعلى هذا يتناول السّفر طويل السّير وقصيره، ولا يتوقّف امتناع سير المرأة على مسافة القصر خلافاً للحنفيّة.
وحجّتهم: أنّ المنع المقيّد بالثّلاث متحقّق. وما عداه مشكوك فيه , فيؤخذ بالمتيقّن.
ونوقض: بأنّ الرّواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنّه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفيّة تقديم الخبر العامّ على الخاصّ، وترك حمل المطلق على المقيّد، وقد خالفوا ذلك