كانوا يختارون لنا روائع الشعر الجاهلي والإسلامي، فانظروا اليوم في كتب المختارات التي يضعونها بين أيدي الطلاب ليكون ما فيها قدوة لهم يتّبعون أثره ويمشون على طريقه. انظروا، ماذا ترون؟ رأيت مرة في كتاب مدرسي قصيدة لرجل يدعونه بدر شاكر السيّاب، لولا أنها مكتوبة بحروف عربية لما فهمت منها شيئاً! أفبمثل هذا الشعر تريدون أن تنشّئوا أولادكم على الفصاحة وعلى البيان وعلى فهم إعجاز القرآن؟!
* * *
واللحن؟ ألا نسمع اللحن الآن في كل مكان؟ هل يخلو منبر من خطباء يلحنون في خطب الجمعة في المسجد، وفي المحاضرات الأدبية في النوادي، وفي دروس الأدب في كليات الجامعات؟
كم عدد الذين يقرؤون نصاً قديماً ولا يلحنون فيه؟ إنهم يلحنون حتى في كتاب الله إذا قرؤوا من آياته، وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن روَوا منها! وفي ذهني الآن أمثلة كثيرة بما وقع من اللحن الشنيع من المذيعين، بل ممن تعدّونهم من الأدباء الكبار، أستطيع أن أسردها، ولكنني لا أريد أن أسوء أحداً بها.
سمعت من قريب حديث عائشة لما جاءتها المرأة ومعها ولداها، فأعطتها تمرة. لم يكن في بيت رسول الله وسيد البشر صلى الله عليه وسلم شيء يؤكَل إلا هذه التمرة، تمرة واحدة! فقسمتها بينهما، فلما دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام خبّرته بذلك، فقال: وما يعجبك منها؟ «يعجّبك»، بتشديد الجيم، أي: ما الذي يجعلك