تعجبين؟ فقرأها المذيع: وما الذي يُعجِبك؟ كأن ما فعلته لا يستحق العجب منه ولا الإعجاب به!
ولطالما عرض الرائي آية أو حديثاً، نراه أمامنا مكتوباً كتابة صحيحة فيجيء المذيع فيقرؤه قراءة مَلحونة! وكم مرة نبّهناهم فقلنا لهم: قولوا «أذان» الظهر، فلا يقولون ولا يكتبون إلا «آذان» الظهر، كأن للظهر عيوناً وآذاناً!
كان مقرَّراً علينا في أول المدرسة المتوسطة كتاب «قواعد اللغة العربية» لحفني ناصف، الأديب العلامة، ولإخوانه الذين لا يقلّون عنه. كنا نقرؤه في السنة التي تلي الشهادة الابتدائية، وكنا نفهمه، وكنا نحفظه. فكم من الأساتذة الكبار مَن يحفظه الآن؟ إن هذا الكتاب -على صغره- يكفي مَن أحاط به فلا يحتاج معه إلى غيره، وإن كان كالطعام المركَّز الكثير الفوائد ولكنه صعب الهضم، الذي لا تقبله إلا المِعَد القوية والأجسام الصحيحة.
وأنا لا أريد أن تعودوا إليه بالذات، بل أريد أن أريكم الفرق ما بيننا لما كنا طلاباً وبين الطلاب الآن.
إن اللسان من عناصر وجود كل أمة ومن أمارات حياتها، ولسان العرب على التخصيص، لأنه اللغة الرسمية لكل مسلم. إنه لسان كتابه الذي هو عماد دينه والذي لا تصحّ صلاة المسلم إلا بتلاوة شيء منه؛ فالعربية والإسلام مقترنان اقتران الفَرْقَدين، لا يختلفان ولا يتنافران، إنما يكون اختلاف الدعوة في العربية إذا جاءت بما يخالف مبادئ الإسلام أو يقرر للأفراد رابطة تربطهم حتى يصيروا أمة غيرَ رابطة الإسلام.