للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣ - (١٧٥٣) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي معاوية ين صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:

قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ. فَأَرَادَ سَلَبَهُ. فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ. فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لِخَالِدٍ (مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟) قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (ادْفَعْهُ إِلَيْهِ) فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ. ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ. فَقَالَ (لَا تُعْطِهِ. يَا خَالِدُ! لَا تُعْطِهِ. يَا خَالِدُ! هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إِنَّمَا أنا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا. ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا. فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا. فَشَرَعَتْ فِيهِ. فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ. فَصَفْوُهُ لكم وكدره عليهم).


(قتل رجلا من حمير) هذه القضية جرت في غزوة مؤتة سنة ثمان. كما بينه في الرواية التي بعد هذه. وهذا الحديث قد يستشكل من حيث إن القاتل قد استحق السلب، فكيف منعه إياه؟ ويجاب عنه بوجهين: أحدهما لعله أعطاه ذلك للقاتل، وإنما أخره تعزيرا له ولعوف بن مالك، لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه، وانتهكا حرمة الوالي ومن ولا هـ. الثاني لعله استطاب قلب صاحبه باختياره وجعله للمسلمين. وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد رضي الله عنه، للمصلحة في إكرام الأمراء.
(فجر بردائه) أي جذب عوف برداء خالد ووبخه على منعه السلب منه.
(ثُمَّ قَالَ هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لك) أي قال عوف بن مالك: هل أنجزت لك ما ذكرت مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فإنه قد كان قال لخالد: لابد أن أشتكي منك إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(فاستغضب) أي صار، عليه السلام، مغضبا.
(هل أنتم تاركو لي أمرائي) هكذا هو في جميع النسخ: تاركو، بغير نون. وفي بعضها تاركون، بالنون. وهذا هو الأصل. والأول صحيح أيضا. وهي لغة معروفة. وقد جاءت بها أحاديث كثيرة: منها قوله صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. وقد سبق بيانه في كتاب الإيمان.
(استرعى إبلا) أي طولب برعيها.
(ثم تحين سقيها) أي طلب ذلك الراعي وقت سقيها حتى يسقيها في وقت معين.
(فصفوه لكم وكدره عليهم) فصفوه لكم، يعني الرعية. وكدره عليهم يعني على الأمراء. قال أهل اللغة: الصفو هنا، بفتح الصاد لا غير. وهو الخالص فإذا ألحقوه الهاء فقالوا الصفوة - كانت الصاد مضمومة ومفتوحة ومكسورة ثلاث لغات. ومعنى الحديث أن الرعية يأخذون صفو الأمور فتصلهم أعطياتهم بغير نكد. وتبتلى الولاة بمقاساة الأمور وجمع الأموال من وجوهها وصرفها في وجوهها. وحفظ الرعية، والشفقة عليهم وإنصاف بعضهم من بعض. ثم متى وقع علقة (كذا) أو عتب في بعض ذلك، توجه على الأمراء، دون الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>