للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورُوِي عنها أنها قالت لسعيد بن عمير: حَدِّث الناسَ يومًا، ودع الناس يومًا. ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر القاصّ أن يقص كل ثلاثة أيام مرة. ورُوي عنه أنه قال: رَوِّحِ الناسَ، ولا تُثْقِل عليهم، ودَعِ القَصَصَ يوم السبت ويوم الثلاثاء.

وقد رَوَى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم بن الْجُنيد قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم، واحتج بقول عمر -رضي الله عنه-: نعمت البدعة هي.

ومراد الشافعي رحمه الله ما ذكرناه من قبلُ أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصلٌ في الشريعة تَرجِع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع، وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة يعني: ما كان لها أصل من السنة تَرجِع إليه، وإنما هي بدعة لغة لا شرعًا؛ لموافقتها السنة. وقد رُوي عن الشافعي كلام آخر يُفَسِّر هذا، وأنه قال: المحدثات ضربان: ما أُحدث مما يخالف كتابًا، أو سنةً، أو أثرًا، أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، وما أُحدث فيه من الخير، لا خِلاف فيه لواحد من هذا، فهذه مُحْدَثةٌ غير مذمومة.

وكثيرٌ من الأمور التي أُحدثت، ولم يكن (١) قد اختَلَف العلماء في أنها هل هي بدعة حسنة حتى (٢) ترجع إلى السنة أم لا؟.

(فمنها): كتابة الحديث، نَهَى عنه عمر، وطائفة من الصحابة -رضي الله عنهم-، وَرَخَّص فيها الأكثرون، واستدلوا له بأحاديث من السنة.

(ومنها): كتابة تفسير الحديث والقرآن، كَرِهه قوم من العلماء، ورخص فيه كثير منهم، وكذلك اختلافهم في كتابة الرأي في الحلال والحرام ونحوه، وفي توسعة الكلام في المعاملات، وأعمال القلوب التي لم تُنقَل عن الصحابة والتابعين، وكان الإمام أحمد


(١) هكذا نسخة "جامع العلوم والحكم" "ولم يكن"، ولعل المعنى: ولم يكن موجودًا"، والله تعالى أعلم.
(٢) هكذا نسخة "جامع العلوم" ولعل الأولى: "حيث"، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>