للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن ذلك القَصَصُ، وقد سبق قول غُضَيف بَن الحارث: إنه بدعة، وقال الحسن: إنه بدعة، ونعمت البدعة، كم من دَعْوة مستجابةٍ، وحاجةٍ مَقْضِيّةٍ، وأخٍ مُستفاد.

وإنما عَنَى هؤلاء بقولهم: إنه بدعةٌ الهيئةَ الاجتماعيةَ عليه في وقت معين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له وقت معين يَقُصُّ على أصحابه فيه، غير خُطَبه الراتبة في الْجُمَع والأعياد، وإنما كان يُذَكِّرهم أحيانًا أو عند حدوث أمر يَحتاج إلى التذكير عنده، ثم إن الصحابة -رضي الله عنهم- اجتمعوا على تعيين وقت له، كما سبق عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يُذَكِّر أصحابه كل يوم خميس.

وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حَدِّثِ الناسَ في كل جمعة مرة، فإن أبيتَ فمرتين، فإن أكثرت فثلاثًا، ولا تُمِلُّ الناسَ.

وفي "المسند" عن عائشة رضي الله عنها أنها وَصَّتْ قاصَّ أهل المدينة بمثل ذلك (١).


(١) هو ما أخرجه في "المسند" ٦/ ٢١٧ ونصّه:
٢٤٦٣٦ - حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا داود، عن الشعبي قال: قالت عائشة لابن أبي السائب، قاصِّ أهل المدينة ثلاثًا لَتُبَايعُنِّي عليهن، أو لأُناجِزَنَّك، فقال: ما هنّ، بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين، قالت: اجتنب السجع من الدعاء، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك، وقال إسماعيل مرة: فقالت: إني عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم لا يفعلون ذاك. وقُصَّ على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فثنتين، فإن أبيت فثلاثًا، فلا تُمِلَّ الناسَ، هذا الكتابَ، ولا أَلْقَيَنَّك تأتي القوم، وهم في حديث من حديثهم، فتقطع عليهم حديثهم، ولكن اتركهم فإذا جَرَّءُوك عليه، وأمروك به فحدثهم. وهذا إسناد صحيح، وإسماعيل هو ابن عليّة، وداود هو ابن أبي هند، ويقال: إن الشعبيّ لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٦٥. إلا أن إرساله لا يضرّ؛ لأنه لا يرسل إلا صحيحًا، قال العجليّ: مرسل الشعبيّ صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحًا. انظر "شرح علل ابن رجب" ص ١٨١ تحقيق صبحي السامرّائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>