للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أنه ينبغي أن تكون جميعُ العقود المشتملة على عمل البدن غيرَ لازمة بمجرد القول، بل تلزم بالشروع في العمل.

وحيث كان معنى ذلك آيلاً إلى خيار العامل كان الوجه أن يُضرَب للعامل في هذه العقود آجالٌ لابتداء العمل، كشأن بيع الخيار بما ينفي المضرة عن صاحب المال، مثل إبّانَ ابتداء الخدمة في المساقاة، وإبان الحراثة في المزارعة، وإبان ابتداء الغرس لذلك العام في المغارسة، كي لا يضيع بالتأخير على صاحب المال عام كامل.

الخامس: إجازة تنفيل العَمَلة في هذه العقود بمنافع زائدة على ما يقتضيه العمل بشرط دون تنفيل رب المال. فقد قال أئمتنا: يجوز أن يشترط عامل المساقاة على رب الحائط الانتفاع ببياض من الأرض لنفسه. ولا يجوز اشتراط ذلك لرب الأرض ويوجب الفسخ (١).

السادس: التعجيل بإعطاء عوض عمل العامل بدون تأخير ولا نظرة ولا تأجيل, لأن العامل مظنّة الحاجة إلى الانتفاع بعوض عمله، إذ ليس له في الغالب مؤثل مال. وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" - فذكر - "ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره" (٢). وهذا صادق بتأخير إعطائه


(١) الأصل في ذلك قول مالك: إذا ساقى الرجلُ النخلَ وفيها البياضُ، فما ازدرع الرجلُ الداخلُ في البياض فهو له. قال: وإن اشترط صاحب الأرض أنه يزرع في البياض لنفسه، فذلك لا يصلح لأن الرجل الداخل في المال يسقي لرب الأرض. فذلك زيادة ازدادها عليه. الموطأ: ٢/ ٧٠٤.
(٢) حديث أبي هريرة انظر ٣٤ كتاب البيوع، ١٠٦ باب إثم من باع حراً. ونصه: "قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>