للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمرأة في أن زوجته تنفق عليه لما تقرر في العوائد من كون الرجل هو الكاسب للعائلة. وتلك العادة من آثار جبلة الرجل المخوِّلة إياه بالقدرة على الاكتساب ونَصَبه.

ويلحق بالجبلي أيضاً صفات مكتسبة ناشئة عن قابليةٍ وعن سعي تترك آثاراً في الخلقة لا يبلغ إلى مثلها إلَّا من اكتسب أسبابها فتفيد كمالَه في الإحساس والتفكير، مثل تفاوت العقول والمواهب في الصلاحية لإدراك المدركات الخفية. فلا مساواة بين العالم وغيره في كل عمل فيه أثر بيّن لتفاوت الإدراك، مثل التصدّي لتفهم الشريعة، والقدرة على تلقّي ما طريق تلقيه الاستنباط، والمقدرة على تعرف أحكام الشريعة في مختلف النوازل، وعلى تنزيلها في الأحوال الصالحة لها كإدراك التفرقة بين مشتبه النوازل، وإدراك حيل الخصوم، وعدالة الشهود. فلذلك كان بلوغ مرتبة الاجتهاد موجباً ترجيح صاحبه لولاية القضاء، ومانعاً من مساواته لمن هو دون مرتبته من العلماء، وكذلك القرب من مرتبة الاجتهاد بالنسبة لذي البعد عنها (١).


= الزوج: من يحاقني في ابني؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا غلام هذا أبوك، وهذه أمك. فخذ بيد أيهما شئت" فأخذ بيد أمه فانطلقت به. ابن حجر، بلوغ المرام: ٢١١، ع ٩٨٥.
(١) في هذا كلام مهم لابن شاس قال: لا تصح تولية مقلد في موضع موجود فيه عالِم. فإن تقلد فهو جائر متعدِّ لأنه قعد في مقعد غيره ولبس خلعة سواه من غير استحقاق. وقال ابن عبد السلام: ولا ينبغي أن يولى في زماننا هذا من المقلدين من ليس له قدرة على الترجيح بين الأقوال فإن ذلك غير معدوم وإن كان قليلاً. انظر كلام المازري عن رتبة الاجتهاد وأنها لانعدامها اليوم لا تقتضي منع المقلد رتبة القضاء، لما في ذلك من تعطيل للأحكام وإيقاع للهرج والفتن والنزاع ... إلخ!. ابن شاس. الجواهر: ٣/ ٩٧. ابن فرحون. التبصرة: ١/ ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>