للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر، وتبعه بقية الصحابة. روى البخاري أن زيد بن ثابت قال: "أرسَلَ إليّ أبو بكر مَقتلَ أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟. قال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك. وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله؟ قال أبو بكر: هو والله خير" (١).

فقول عمر: "هو والله خير"، ثم انشراح صدر أبي بكر، نعلم منه أنه من المصالح، لأن الخير مراد به الصلاح للأمة. وقول أبي بكر وزيد بن ثابت: "لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، نعلم منه أنه مصلحة مرسلة ليس في الشريعة ما يشهد لاعتبارها. وقد أجمع الصحابة على اعتبار ذلك.

وكذلك إجماعهم على جعل حد شارب الخمر ثمانين جلدة في خلافة عمر، وتبعه الخلفاء وقضاة الإسلام (٢). وتدوين ديوان


(١) انظر أعلاه: ٢١٤/ ١.
(٢) لم يكن حد الشرب مقدراً في الشرع، بل "أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بشارب، فأمر به فضرب بالنعال وأطراف الثياب وحثي عليه التراب". ولما آل الأمر إلى أبي بكر قدر الجلد بأربعين، ورآه قريباً مما كان يأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحكم بذلك عُمر مدة، ثم توالت عليه الكتب من أطراف البلاد، بتتابع الناس في الفساد وشرب الخمر واستحقار هذا القدر من الزجر، فجرى ما جرى في معرض الاستصلاح تحقيقاً لزجر الفساق. الغزالي. شفاء الغليل: ٢١٦ - ٢١٧. =

<<  <  ج: ص:  >  >>