للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمان المُعتَبَرين من قدوة الأمة المجمعين على نظائرها - أولى وأجدر بالاعتبار من قياس جزئيات المصالح عامها وخاصها بعضها على بعض، لأن جزئيات المصالح قد يطرق الاحتمال:

١ - إلى أدلة أصول أقيستها.

٢ - وإلى تعيين الأوصاف التي جُعلت مشابهاتها فيها بسبب الإلحاق والقياس، وهي الأوصاف المسماة بالعلل.

٣ - وإلى صحة المشابهة فيها.

فهذه مطارق احتمالات ثلاثة، بخلاف أجناس المصالح. فإن أدلة اعتبارها حاصلة من استقراء الشريعة قطعاً أو ظناً قريباً من القطع، وأن أوصاف الحكمة قائمة بذواتها غير محتاجة إلى تشبيه فرع بأصل، وإنها واضحة للناظر فيها وضوحاً متفاوتاً لكنه غير محتاج إلى استنباط ولا إلى سلوك مسالكه.

أفليست بهذه الامتيازات أجدرَ وأحقَّ بأن تقاس على نظائر أجناسها الثابتة في الشريعة المستقراة من تصاريفها. فإن كان بعض تلك المصالح مصالح محضة بحيث لا تعارضها مصالح أخرى ولا تخالطها مفاسدٌ، فلا يحسنُ بأهل النظر في الشرع أن يختلفوا في تحصيلها. وإن كانت تعارضها مصالحُ أخرى أو تخالطُها مفاسد، فهي حينئذ يُرجَع بها إلى حكم تعارض المصالح والمفاسد المشروح في المبحث قبل هذا (١). وإنه مجال للاجتهاد بحسب قوة آثار المصالح المجتَلبَة وقوة ما يعارضها من المصالح والمفاسد، وبحسب تفاوت مراتب العلم بقوتها، فتلحق بنظائر أجناسها الثابت بالاستقراء


(١) انظر أعلاه: ٢٢٣ - ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>