للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلبُ كلام إمام الحرمين في كتاب البرهان وكلام الغزالي في المستصفى يطول.

ثم إني أقفي على أثرهما فأقول: لا ينبغي الاختلاف بين العلماء بتصاريف الشريعة المحيطين بأدلتها في وجوب اعتبار مصالح هذه الأمة ومفاسد أحوالها عندما تنزل بها النوازل وتحدث لها النوائب. وإنه لا يترقب حتى يجد المصالح المثبتة أحكامها بالتعيين، أو الملحقة بأحكام نظائرها بالقياس. بل يجب عليه تحصيل المصالح غير المثبتة أحكامها بالتعيين، ولا الملحقة بأحكام نظائرها بالقياس. وكيف يخالف عالم في وجوب اعتبار جنسها على الجملة، وبدون دخول في التفاصيل ابتداء، ثقةً بأن الشارع قد اعتبر أجناسَ نظائرها التي ربما كان صلاحُ بعضها أضعفَ من صلاح بعض هذه الحوادث.

ثم لا أحسب أن عالماً يتردّد - بعد التأمل - في أن قياس هذه الأجناس، - المحدثة على أجناس نظائرها الثابتة في زمن الشارع أو


= إجماع فهو مقول به، وإن لم يشهد له أصل معين. الغزالي. المنخول: ٣٦٤. ورأيه أنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بها ما دامت المصلحة داخلة في مقاصد الشارع. البوطي. ضوابط المصلحة: ٣٩٤ - ٣٩٥. والقدر المشترك فيما كتبه الغزالي عن الاستصلاح في كتبه الثلاثة: هو اعتبار المصالح المرسلة ما دامت داخلة في مقاصد الشارع ملائمة لتصرفاته. أما اشتراط الضرورية والقطعية والكلية فهو شيء لم يرد إلا في المستصفى. ولا سبيل لفهم مجموع كلامه بشكل منسجم إلا باتباع ما قاله السبكي: من أن هذه الشروط الثلاثة إنما أوردها للإشارة إلى الأمكنة التي لا يمكن إلا أن تجتمع فيها آراء المسلمين على اعتبارها والأخذ بها. أما نفي ما وراء ذلك فمجال بحث واجتهاد. القرافي. نفائس الأصول، المسألة التاسعة في المصالح المرسلة: ٩/ ٤٠٨٢ - ٤٠٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>