للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما يسمى بالمصالح المرسلة (١).

ومعنى كونها مرسلة أن الشريعة أرسلتها فلم تُنِط بها حكماً معيناً، ولا يُلفى في الشريعة لها نظير معين له حكم شرعي فتقاس هي عليه. فهي إذن كالفرس المرسل غير المقيَّد.

ولا ينبغي التردد في صحة الاستناد إليها، لأننا إذا كنا نقول بحجية القياس الذي هو إلحاق جزئي حادث لا يُعرف له حكمٌ في الشرع بجزئي ثابت حكمُه في الشريعة للمماثلة بينهما في العلة المستنبطة، وهي مصلحة جزئية ظنّية غالباً لقلة صور العلة المنصوصة، فَلَأَنْ نقول بحجية قياس مصلحة كلية حادثة في الأمة لا يُعرف لها حكم على كلية ثابت اعتبارُها في الشريعة باستقراء أدلة الشريعة الذي هو قطعي أو ظني قريب من القطعي أولى بنا وأجدرُ بالقياس وأدخلُ في الاحتجاج الشرعي.

وإني لأعجب فَرط العجب من إمام الحرمين - على جلالة علمه ونفاذ فهمه - كيف تردّد في هذا المقام (٢). وأما الغزالي، فأقبل


(١) تلك هي التسمية الشائعة التي انبنت المصلحة المرسلة فيها على ملاحظة مراعاة الحكم لها واقتضائه إياها، وهي الوصف المناسب عند ابن الحاجب والغزالي لتوجه النظر فيها إلى أقسام الوصف وفروعه من حيث هو مؤثر وملائم، أو غريب أو مرسل وهو ملائم المرسل، وتعرف أيضاً بالاستصلاح أو الاستدلال كما عبر بالأول الغزالي، وبالثاني إمام الحرمين. البوطي. ضوابط المصلحة: ٣٢٨ وما بعدها
(٢) يظهر تردده في قبول العمل بالمصالح المرسلة أو بالمناسب المرسل أو المرسل الملائم أو الاستدلال والاستصلاح عند ذكره الاستدلال، وتقسيمه الآراء فيه ثلاثة أقسام. فهو بجانب ذكر مذهبي الإمامين مالك والشافعي إزاءه يصدر كلامه بذكر المذهب الأول الصريح في نفيه والداعي =

<<  <  ج: ص:  >  >>