للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحفظ الأعراض - أي حفظ أعراض الناس من الاعتداء عليها - هو من الحاجي، لينكف الناس عن الأذى بأسهل وسائله وهو الكلام.

ومن الحاجي ما هو تكملة للضروري، كسد بعض ذرائع الفساد، وكإقامة القضاة والوزعة والشرطة لتنفيذ الشريعة.

ومن الحاجي ما يدخل في الكليات الخمسة المتقدمة في الضروري إلّا أنه ليس بالغاً حد الضرورة. كما أشرنا إليه فيما مضى من الأمثلة. فبعض أحكام النكاح ليست من الضروري ولكنها من الحاجي مثل اشتراط الولي والشهرة. وبعض أحكام البيوع ليست من الضروري، مثل بيوع الآجال المحظورة لأجل سد الذريعة، ومثل تحريم الربا، وأخذ الأجر على الضمان، وعلى بذل الشفاعة. فإن كثيراً من تلك الأحكام تكميلية لحفظ المال، وليست داخلة في أصل حفظ المال.

وعناية الشريعة بالحاجي تقرب من عنايتها بالضروري. ولذلك رتّبت الحد على تفويت بعض أنواعه، كحد القذف (١). وفيما دونه مجال للمجتهدين. فلذلك نراهم مختلفين في حد الشرب لقليل من المسكر (٢)،


(١) من أجل حفظ العرض ودفع العار على المقذوف فرضه الشارع بقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. النور: ٤.
(٢) حد شرب الخمر مختلف عند الحنفية عنه في بقية المذاهب. فهم يذهبون إلى أن حد الأشربة المحرمة نوعان: هما حد الشرب وحد السكر. فحد الشرب يجب بشرب الخمر خاصة، شرب قليلها أو كثيرها، ولا يتوقف وجوب الحد على حصول السكر منها، لقوله عليه السلام: "من شرب الخمر فاجلدوه". وحد السكر سبب وجوبه السكر الحاصل بشرب =

<<  <  ج: ص:  >  >>