للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولي: "أن لا يمكن الاجتزاءُ عنه بغيره في تحصيل الصلاح وحصول الفساد". فيه إجمال في استخلاص المراد دعاني أن أشرح هذه الجملة.

اعلم أن المقصود من هذا القسم الثالث تصويرُ مرتبة في النفع أو الضر دونَ مرتبة القسم الثاني (١) وفوقَ مرتبة القسم الرابع (٢).

فالمراد بقولي: "أن لا يمكن": أن لا يُلفِيَ المجتهدُ عند سَبره مراتبَ المصلحة أو المفسدة من حيث إنها خالصةٌ أو مختلطةٌ بضدها، بعد السبر والبحث عن المُعارض.

فالمراد بكلمة "الاجتزاء": الاكتفاءُ، أي اقتناع المجتهد بتحقّق وصفٍ للفعل غير الوصف الذي بَدَا له في ذلك الفعل المبحوث عن وصفه. فمعنى الاجتزاء: الاعتياضُ عنه بوصف آخَرَ، بحيث لا محيص للفعل الموصوف عن مقارنة الوصف إياه، على حاله في النفع أو الضر دون تخفيف في ذلك.

ومعنى قولي: "بغيره"، أي بوصف آخر من نوع النفع بالنسبة إلى الوصف النافع، أو من نوع الضر بالنسبة إلى الوصف الضار.

والضميران في قولي: "عنه" وقولي: "بغيره" عائدان على النفع أو على الضر. فجاء الضميران مفردين، لأن المَعَاديْن متعاطفان بـ (أو) (كما ذُكر ذلك في الضابط الأول)، و (أَوْ) لأحد الشيئين.

ومعنى قولي: "لا يخلفها ما يصلحها" أن لا توجد حالة


(١) الذي يكون النفع أو الضر غالباً واضحاً فيه.
(٢) الذي يأتي، وهو ما يكون النفع أو الضر فيه مع مساواته لضده معضوداً بمرجع من جنسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>