للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشتمل على وصف مع الأوصاف المذكورة يُعدِّل فسادَها وضُرَّها أو ينفيه من أصله، بحيث نظن أن أوصاف فسادِها مطردةٌ ملازمَةٌ للفعل لا تتخلف عنه إلا في أحوال طَردْية لا يَعتدُّ بها الشارع، شأنَ كل الأوصاف الطردية. وهذا مثل البُطءِ أو السرعة في حصول نَشوة الخمر لشاربيها، ومثلُ تناول الخمر صرفاً أو ممزوجة. فعند عروض الأحوال الطردية لا يجوز التسامح في الاعتداد بالوصف، وترتُّبِ أثره على طمع أن يَخِفَّ فساده وضره في نادر الأشخاص أو نادر الأوقات، إذ العبرة في مناط الأحكام هي الأحوال الغالبة.

ومثال هذا أن لا نلتفت إلى قول عُمارة بن الوليد بن المُغيرة (١) يخاطب امرأته، وكانت شَرَطَت عليه عند تزوّجه أن يترك الشُّرب، ثم شَرب واعتذَر لها بشعر منه قوله:

أَسَرَّكِ لمّا صَرَّعَ القومَ نَشوةٌ ... خُروجيَ منها سالماً غيرَ غارم

بريئاً كأنِّي قبلُ لم أكُ منهم ... وليس النزاع مُرتضًى في المكارم (٢)


(١) عُمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. شاعر جاهلي مات على كفره. أرسلته قريش إلى النجاشي، فجرت له معه قصة أصيب بإثرها بعقله وهام مع الوحوش. ابن حجر. الإصابة: ٣/ ١٧١، ٦٨١٧.
(٢) في البيت الأول رواية أخرى بلفظ: "أن اخرج" بدل "خروجي"، وورد الثاني بلفظ:
خَلياً كأنّي لم أكن كنت فيهُمُو ... وليس الخداع مرتضى في التنادم
والبيتانَ يتقدمهما بيتان آخرانَ هما:
ولسنا بشَرب، أمَّ عمرو، إذا انتشوا ... ثيابُ الندامى عندهم كالغنائم
ولكننا يا أم عمرو نديمنا ... بمنزلة الريّان ليس بعائم
الأصبهاني. الأغاني: ١٨/ ٧٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>