للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمله مالك وابن شهاب وابن المسيَّب على تفسير أبي سعيد الخدريّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة. والمحاقلة: كراء الأرض بالحنطة. ولذلك ترجم هذا الحديث مع غيره في الموطأ بترجمة المزابنة والمحاقلة. فلم يَرَ للمحاقلة معنى غير هذا (١).

وسلك بعض الصحابة والأئمة مسلك النظر إلى الحالة التي هي مورد النهي، وهي ما ورد في حديث رافع بن خديج في صحيح البخاري، قال: "كنا أكثر أهل المدينة مُزدَرعاً فكنا نكري الأرض بالناحية منها مسمًّى لسيد الأرض (أي بالزرع الذي يحصل في الناحية المعيّنة) فممّا يصاب من ذلك وتسلمُ الأرض (أي بقيتها)، وممّا تصاب الأرض ويسلم ذلك (أي ما في الناحية المعيّنة لرب الأرض) فنُهينا عن ذلك. وأما الذهب والورِق فلم يكن يومئذ (٢)، وفي رواية: فلربّما أَنبتَت هذه ولم تُنبت الأخرى" (٣) اهـ.

ولذلك قال الليث بن سعد: "كأنّ - بتشديد النون - الذي نهي عنه من ذلك - أي من كراء الأرض - ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه، لما فيه من المخاطرة". رواه عنه البخاري في كتاب المزارعة (٤).


(١) تقدمت الإشارة إلى ذلك: ٦٩/ ١. انظر كلام الإمام في تفصيل القول في المزابنة. طَ: ٢/ ٦٢٥ - ٦٢٧.
(٢) تقدم في حديث البخاري. انظر ٧١/ ١.
(٣) وفي رواية أخرى: كنا أكثر أهل المدينة حقلاً، وكان أحدنا يكري أرضه، فيقول: هذه القطعة لي وهذه لك، فربما أخرجت ذه، ولم تخرج ذه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر ٤١ كتاب الحرث، ١٢ باب ما يكره من الشروط في المزارعة. خَ: ٢/ ٦٩.
(٤) تقدم: ٦٨ - ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>