للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى الفقيه أن يجيد النظر في الآثار التي يتراءى منها أحكام خفِيت عللُها ومقاصدها، ويمحّص أمرها. فإن لم يجد لها محملاً من المقصد الشرعي نظر في مختلف الروايات، لعله أن يظفر بمسلك الوهم الذي دخل على بعض الرواة، فأبرز مرويه في صورة تُؤذن بأن حكمه مسلوبُ الحكمة والمقصد.

وعليه أيضاً أن ينظر إلى الأحوال العامة في الأمة التي وردت تلك الآثار عند وجودها.

مثال ذلك في الأمرين حديث رافع بن خديج وأنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة، أي كراء المزارع (١).

فقد حمله ابن عباس على أن رسول الله لم ينه عنه، ولكنه قال: "لأنَ يمنح أحدُكم أخاه خيرٌ له من أن يأخذ خراجاً معلوماً" (٢).


(١) في المحاقلة - وهي استكراء الأرض بالحنطة واشتراء الزرع بالحنطة - تقدم حديث رافع بن خديج: ٦٧/ ٣. وحديث أنس بن مالك: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة والمحاقلة". انظر ٢٤ كتاب البيوع، ٨٢ باب بيع المزابنة، وهي بيع التمر بالثمر وبيع الزبيب بالكرم، وبيع العرايا. خَ: ٣/ ٣١؛ ٩٣ باب بيع المخاضرة، ونص الحديث عن أنس: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة". خَ: ٣/ ٣٥. ومثلهما حديث أبي سعيد الخدري. انظر ٣١ كتاب البيوع، ١٣ باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة، ح ٢٤. طَ: ٢/ ٦٢٥. وكذا حديث سعيد بن المسيب في النهي عن المزابنة والمحاقلة. قال ابن عبد البر: وقد روى النهي عنهما (عن المزابنة والمحاقلة) جماعة، منهم: جابر وابن عمر وأبو هريرة ورافع بن خديج. الزرقاني على الموطأ: ٣/ ١٥٨.
(٢) تقدم: ٦٨/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>