للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الثمر قبل بدوِّ صلاحه. ففي صحيح البخاري عن زيد: كان الناس في عهد رسول الله يبتاعون الثمار، فإذا جذّ الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمرَ الدُّمان، أصابه مُراض، أصابه قُشام: عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده الخصومة: "فإمَّا لا فلا تتبايعوا حتى يبدوَ صلاحُ الثمر" (١). قال زيد بن ثابت: كالمشورة يشير بها عليهم لكثرة خصومتهم (٢) اهـ.

٨ - وأما حال النصيحة فمثاله ما في الموطأ والصحيحين عن النعمان بن بشير: أن أباه بشير بن سعد نحَلَ النعمان ابنه غلاماً من ماله دون بقية أبنائه، فقالت له زوجُه عمرة بنت رواحة، وهي


(١) و (٢) حديث أنس: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى تُزْهِي"، قيل: يا رسول الله وما تُزْهي؟ قال: "حتى تحمر". قال البخاري: هذا طرف من الحديث: ٢٤ كتاب الزكاة، ٥٨ باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه؛ والحديث كامل في: ٣٤ كتاب البيوع، ٨٧ باب إذا باع الثمار قبل بدو صلاحها. خَ: ٣/ ٣٤؛ وانظر ٢٢ كتاب المساقاة، ٣ باب وضح الجوائح، ١٥. مَ: ٢/ ١١٩٠؛ وانظر ٤٤ كتاب البيوع، ٢٩ باب شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها على أن يقطعها ولا يتركها إلى أوان إدراكها، ٤٥٢٤. نَ: ٧/ ٢٦٤؛ وانظر ٣١ كتاب البيوع، ٨ باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، ح ١١. طَ: ٢/ ٦١٨.
وقد اختلف الأئمة في حكم البيع قبل بدو الصلاح على مذاهب. فمنهم من قال ببطلان البيع للنهي مطلقاً، وهم: ابن أبي ليلى، والثوري؛ ومنهم من أجاز البيع مطلقاً، ولو شرط المشتري التبقية، وهو: قول يزيد بن حبيب؛ ومنهم من أجاز البيع بشرط القطع، وهو قول الشافعي وأحمد والجمهور ورواية عن مالك؛ ومنهم من قال بصحة البيع إن لم يشترط التبقية، حاملاً النهي على بيع الثمار قبل أن توجد أصلاً، وهو رأي أكثر الحنفية؛ ومنهم من يحمل الحديث على ظاهره، جاعلاً النهي للتنزيه لا للتحريم. اهـ. ملخص من كلام ابن حجر. الفتح: ٤/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>