للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفسخ. وحمله في الموازية (١) على التحريم. ولم يقل إن البيع يفسخ، مع أنه لو كان نهي تحريم لأوجب فسخَ البيع، لأن أصل المذهب أن النهي يقتضي الفساد إلّا لدليل.

وعلى هذا المحمل يُحمل عندي حديثُ بريرة حين رام أهلها بيعها، ورغبت عائشة في شرائها، واشترط أهلُها أن يكون ولاؤها لهم، وأبت عائشة ذلك، وأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك كالمستشيرة. فقال لها: "لا عليك أن تشترطي لهم الولاء" (٢). وفي رواية: "خذيها


= عليه ولا من غيره. المدونة: ٤/ ٣٤٩. وقال ابن القاسم: إن من تصدق بصدقة على رجل ثم وجدها بيد غيره فابتياعه إياها مكروه، لأنه كان أزال ملكه عنها لله عز وجل، وهو مضارع للرجوع في الصدقة من هذا الوجه. الباجي. المنتقى: ٢/ ١٨١.
(١) نقل ابن المواز اختلاف المذهب. فمن قائل بالكراهة كراهة تنزيه، ومن قائل بكراهته كراهة تحريم. فمن ذهب إلى التنزيه لم يفسخ البيع، ومن ذهب إلى التحريم فسخه؛ لأن مقتضى النهي الفساد. وتعقب القول بالفساد بقوله: وفيه نظر، لأن عدم الفسخ قد يحمل عليه حتى على القول بكراهة التحريم. وذلك مراعاة للخلاف. الرهوني. الحاشية: ٧/ ٢٣٦.
وفي الموازية: أجاز بعض العلماء شراء الرجل صدقته وكرهه بعضهم. فإن نزل عندنا لن نفسخه. وبهذا قال أبو محمد، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. وقال الشيخ أبو إسحاق: يفسخ الشراء؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. وزاد بعد ذلك قوله: ولا يشتريها من المتصدق عليه ولا يدسُّ من يشتريها منه. ووجهه أن المتصدق عليه ربما سامحه في بعض الثمن لما تقدم من صدقته عليه، والأجنبي لا يتوقع ذلك منه غالباً. ولو وجد ذلك منه لما كان في ذلك معنى الرجوع في الصدقة. الباجي. المنتقى: ٢/ ١٨١.
(٢) في رواية ابن عمر عن عائشة: "لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق". انظر ٣٨ كتاب العتق والولاء، ١٠ باب مصير الولاء لمن أعتق، ح ١٨. طَ: ٢/ ٧٨١؛ انظر ٣٤ كتاب البيوع، ٧٣ باب إذا اشترط شروطاً في البيع =

<<  <  ج: ص:  >  >>