للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - وأما حال الإشارة على المستشير فمثل: ما في حديث الموطأ: "أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله، فأضاعه الرجل الذي أعطاه عمر إياه ورام بيعه، فرام عمر أن يشتريه، وظنّ أن صاحبه بائعه برُخص، فسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله: "لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم [واحد]، فإن الراجع في صدقته كالكلب يعود في قيئه" (١). فهذه إشارة من رسول الله على عمر. ولم يعلم أحد أن رسول الله نهى عن مثل ذلك نهياً علناً. فمن أجل ذلك اختلف العلماء في محمل النهي. فقال الجمهور: هو نهي تنزيه كي لا يتبع الرجل نفسه ما تصدق به فجعله لله. وحُمل على هذا قول مالك في الموطأ (٢) والمدونة (٣) لجزمه بأن ذلك البيع لو وقع لم


= المسجد، والشفاعة إلى صاحب الحق، والإصلاح بين الخصوم، وحسن التوسط بينهم، وقبول الشفاعة في غير معصية، وجواز الإشارة واعتمادها. النووي. شرح مسلم: ١٠/ ٢٢٠.
(١) ورد الحديث بصيغ مختلفة. انظر ١٧ كتاب الزكاة، ٢٦ باب اشتراء الصدقة والعود فيها، ح ٤٩. طَ: ١/ ٢٨٢؛ وانظر ٢٤ كتاب الزكاة، ٥٩ باب هل يشتري صدقته، ولا بأس أن يشتري صدقته غيره. خَ: ٢/ ١٣٤؛ وانظر ٢٤ كتاب الهبات، ١ باب كراهة شراء الإنسان ما تصدّق به ممن تصدّق عليه. مَ: ٢/ ١٢٣٩؛ حَم: ١/ ٤٠، ٥٤؛ ٢/ ٢٥٩، ٢٨٩، ٤٣٠، ٤٩٢.
(٢) قال مالك - وقد سئل عن رجل تصدّق بصدقة، فوجدها مع غير الذي تصدّق بها عليه تباع: أيشتريها؟ فقال -: تركها أحب إليّ. انظر ١٧ كتاب الزكاة، ٢٦ باب اشتراء الصدقة والعود فيها، ذيل ح ٥٠. طَ: ١/ ٢٨٢.
وعلّة منع النبي - صلى الله عليه وسلم - عُمُر من اشتراء الفرس ... صرف النفس عن اتباع ما جادت به لوجه الله تعالى، ليكون ذلك أعرق في إخلاص العَطِيَّة لله، وسدًا لذريعة الندامة على الخير. ولذلك اختلف في أن هذا النهي نهي تحريم أو نهي تنزيه. ابن عاشور. كشف المغطّى: ١٥٩ - ١٦١.
(٣) قال مالك في المدونة: لا يشتري الرَّجل صدقته لا من الذي تصدق بها =

<<  <  ج: ص:  >  >>