وليس المقصود العزم، ولكن المقصود الإرشاد إلى طرق الخير. فإن المرغّبات، وأوصاف نعيم أهل الجنة، وأكثر المندوبات من قبيل الإرشاد. فأنا أردت بالهدي والإرشاد هنا خصوصَ الإرشاد إلى مكارم الأخلاق وآداب الصحبة، وكذلك الإرشاد إلى الاعتقاد الصحيح.
وفي الحديث الصحيح عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"عبيدُكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم. فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليُلْبسْه مما يلبس، ولا يكلَّفه من العمل ما لا يطيق، فإن كلَّفه فليعنه". قال الراوي:"لقيت أبا ذر وغلاماً له، وعلى غلامه حلّة، فقلت لأبي ذر: ما هذا؟ فقال: تعال أحدثْك إني ساببت عبداً لي، فعيّرته بأمه، فشكاني إلى رسول الله فقال رسول الله: أعيّرته بأمه يا أبا ذر؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية، عبيدكم خَوْلُكم ... "(١) الحديث.
٦ - وأما حال المصالحة بين الناس فهو حال يخالف حال القضاء. وذلك مثل تصرّف رسول الله عليه الصلاة والسلام حين
(١) انظر ٣ كتاب الإيمان، ٢٢ باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك. خَ: ١/ ١٣؛ ٤٩ كتاب العتق، ١٥ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: العبيد إخوانكم، ح ١. خَ: ٣/ ١٢٣؛ ٧٨ كتاب الأدب، ٤٤ باب ما ينهى من السباب واللعن، ح ٥٧. خَ: ٧/ ٨٥؛ انظر ٢٧ كتاب الأيمان، ١٠ باب إطعام المملوك مما يأكل، وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه، ٤٠. مَ: ٢/ ١٢٨٣؛ انظر ٢٨ كتاب البر والصلة، ٢٩ باب ما جاء في الإحسان إلى الخدم، ح ١٩٤٥. تَ: ٤/ ٣٣٤؛ انظر ٣٣ كتاب الأدب، ١٠ الإحسان إلى المماليك، ح ٣٦٩٠. جَه: ٢/ ١٢١٦؛ حَم: ٥/ ١٥٨: ١٦١.