للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتأمرني يا رسول الله؟. قال: "لا، لكني أشفع". فأبت أن تراجعه (١). ولم يُثرّبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا المسلمون.

وفي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله أنه مات أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام وعليه دين. فكلم جابرٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يكلم غرماء أبيه أن يضعوا من دينه، فطلب النبي عليه الصلاة والسلام منهم ذلك، فأبوا أن يضعوا منه. قال جابر: "فلمّا كَلّمهم رسول الله كأنهم أُغروا بِي" (٢). ولم يُثرّبهم المسلمون على ذلك. ونظائر ذلك ستأتي (٣).

على أن علماء أصول الفقه قد تعرّضوا في مسائل السنة النبوية


(١) شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمغيث العبد عند بريرة، بوب لها البخاري في: ٦٨ كتاب الطلاق، ١٦ باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوج بريرة، وذكر طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها مراجعة زوجها. خ: ٦/ ١٧١. وانظر ٧ كتاب الطلاق، ١٩ باب في المملوكة تعتق، وهي تحت حر أو عبد، ٢٢٣١. دَ: ٢/ ٦٧٠. ومما يستفاد من هذا الحديث أن من يُسأل من الأمور مما هو غير واجب عليه فعلهُ فله رد سائله وترك قضاء حاجته، وإن كان الشفيع سلطانه أو عالماً أو شريفاً؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على بريرة ردّها إياه فيما شفع فيه. العيني. عمدة القاري: ٢٠/ ٢٦٩. وفي الفتح: أنه لا ضرر ولا إلزام ولا لوم على من خالف، ولا غضب. ولو عظم قدر الشافع. ولا يجب على المشفوع عنده القبول. ابن حجر: ٩/ ٤١٤.
(٢) انظر ٥٥ كتاب الوصايا، ٣٦ باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة، الحديث الأخير في الباب خ: ٣/ ١٩٩؛ ٦٤ كتاب المغازي، ١٨ باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، الحديث ٣ خَ: ٥/ ٣٢.
(٣) انظر بعدُ: الشواهدَ التي أوردها المؤلف لغير حالات التشريع والإفتاء والقضاء، ولأكثر التصرفات الحاصلة بالإمارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>