للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما كان من أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِبِلِّياً أنه لا يدخل في التشريع (١). وما ذلك إلّا لأنهم لم يهملوا ما كان من أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثراً من آثار أصل الخلقة لا دخل للتشريع والإرشاد فيه. وتردّدوا في الفعل المحتمل كونه جِبِلِّياً وتشريعياً كالحج على البعير (٢). وقد يغلط بعض العلماء في بعض تصرفات رسول الله


(١) ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان من الأفعال الجبِلِّية كالقيام والقعود والأكل والشرب ونحوها فلا نزاع في كونها على الإباحة، أي بالنسبة إليه وإلى أمته، كما قاله الآمدي. الإسنوي. شرح منهاج الأصول للبيضاوي: ٣/ ٦٣١. وهي بذلك لا يتعلق بها أمر ولا نهي عن مخالفتها، فلا تكون دليل تشريع؛ وفي شرح المحلى: وما كان من أفعاله جبلياً ... لسنا متعبَّدين به. المحلي: ٢/ ١٠٢؛ ابن الحاجب. مختصر المنتهى الأصولي: ٢/ ٢٢؛ الغزالي. المنخول: ٢٢٥؛ الزركشي. البحر المحيط: ٤/ ١٣٧؛ الشوكاني. القسم الثاني من إرشاد الفحول: ٣٥.
(٢) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب ناقته القصواء في الحج كما ذكر ذلك جابر في حديثه في حجة الوداع. قال: حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدى بصري بين يديه من راكب وماشٍ. وقال النووي: فيه جواز الحج راكباً وماشياً. وهو مجمع عليه. وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وفي المفاضلة بين الحالين قال في الفتح: ذهب الجمهور إلى أن الأفضل الركوب، لكونه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة راكباً، ومن حيث النظر فإن في الركوب عوناً على الاجتهاد في الدعاء والتضرع المطلوب حينئذ كما ذكروا مثله في الفطر. وذهب آخرون إلى أن استحباب الركوب يختص بمن يحتاج الناس إلى التعلم منه. وعن الشافعي قوله: إنهما سواء. واستدل به على أن الوقوف على ظهر الدواب مباح، وأن النهي الوارد في ذلك محمول على ما إذا أجحف بالدابة. ابن حجر. الفتح: ٢٥ كتاب الحج، ٨٨ قوله باب الوقوف على الدابة بعرفة: ٣/ ٥١٣.
وقال شارح مسلم مثله: واختلف العلماء في الأفضل منهما. فقال مالك =

<<  <  ج: ص:  >  >>