انتقلنا إليها، وصار مديرنا الدكتور كامل نصري، ومن مدرّسينا فيها الشيخ زين العابدين التونسي، وهو الأخ الأصغر لشيخ مشايخنا السيد الخضر حسين الذي صار -من بعدُ- شيخَ الجامع الأزهر، وأستاذ الأساتذة مصطفى تمر الذي كان المفتش الوحيد لمدارس سوريا، والشيخ أبو الخير القوّاس الذي اخترع الطريقة المنسوبة إليه في تدريس قواعد اللغة العربية (النحو والصرف)، وجعل للأمثلة لوحات كبيرة حروف الزوائد في كلماتها ملوّنة، ورتب عليها أسئلة، ثم صغّرها في سلسلة كتب كنا ندرسها اسمها «دروس القوّاس»، وأشهد الآن أنها كانت أفضل الطرق. وكان يدرّسنا اللغة الفرنسية الأستاذ علي الجزائري.
وخرجنا مع أول مظاهرة مشينا فيها يتقدمنا طالب كبير، يسأل: ماذا تريدون؟ فنجيب بصوت واحد: ياسين باشا.
مَن ياسين باشا؟ ماذا نريد منه؟ لم أكُن يومئذٍ أدري! لكني علمت بعد ذلك أن الإنكليز -كما قال الناس- قد اختطفوه، فخرجنا نطالب بإرجاعه.
وفي تلك السنة قرر المؤتمر السوري، الذي كان يمثل سوريا ولبنان وفلسطين، نصب الأمير فيصل ملكاً، وكان تتويجه يوم ٨ آذار ١٩٢٠. وطالما كتبت بعد ذلك في ذكرى هذا اليوم. ودُعيت إلى حفلة التتويج وحضرتها مع رفاقي في المدرسة، ولكن «من بَرّا»؛ وقفونا صفاً أمام السراي ثلاث ساعات على أقدامنا بلا طعام ولا شراب!