وراسين وموليير ولافونتين وباقي الأدباء المنهجيين (أي الكلاسيك)، وأدب روسو وشاتوبريان ولامارتين ودوموسه وهوغو وأعلام الأدباء الرومانسيين. ثم اطّلعت (مجبَراً في المدرسة لا مخيَّراً) على أدب الواقعيين والوضعيين وأصحاب المذاهب التي جدّت من بعد؛ كنا نُلزَم على عهد الفرنسيين في الشام بكل ما يُلزَم به الطالب الفرنسي في باريس، ونحفظ من مختارات الشعر والنثر مثل الذي يحفظ.
وأما الفقه فلأنني قرأت «مراقي الفلاح» في المدرسة (وكان مقرَّراً على طلاب الثانوية) وقسماً كبيراً من «فتح القدير»، قرأته على أبي ثم على المفتي الفقيه الشيخ عطا الكَسْم مع تلاميذ أبي الذين انتقلوا إليه لمّا مات أبي، وكتباً أخرى على مشايخ أُخَر، وكتباً قرأتها وحدي ثم لمّا وليت القضاء، عكفت على الفقه وانقطعت إليه حتى صار لي نوع إلمام بالفقه الحنفي والمعرفة بكتبه.
ثم لمّا طبع أخونا الكريم الأستاذ زهير الشاويش كتبَ مذهب الإمام أحمد للشيخ علي آل ثاني أمير قطر، وكانت له رحمه الله مشاركة في العلم وفي الأدب، أهداها كلها إليّ. وأنا لا يأتيني كتاب فأنام حتى أقرأه، فإن كان كبيراً يضيق الوقت عن قراءته تصفّحته وقرأت مقدّمته ونظرت في فهرسه، واطّلعت على بعض فصوله حتى أُلِمّ بموضوعه وأعرف أسلوبه. فألممت بذلك بالمذهب الحنبلي، لا أقول إني صرت فقيهاً فيه ولكن أقول إني أَنِست به ولم أعُد غريباً عنه، وصرت أقلّده في بعض الأحكام. وكنت أعرف الشيخ عبد القادر بَدران رحمه الله، فرجعت إلى كتابه «المدخل» فازددتُ معرفة بمذهب الإمام أحمد.