وكنت أنظر فأرى أمام غرفتي بقايا جدار فيه محراب المسجد الذي كان في المشيرية، أقامه الأتراك أيام حكمهم وبقي على عهد الفرنسيين لمّا كانوا متسلطين على الشام، فلما هُدمت الدور هُدم معها.
وكان في المحكمة الشرعية لمّا كانت في سوق الخياطين مسجد إمامه الرسمي الشيخ صادق أبو قورة، وإمام مسجد المشيرية الشيخ يحيى المكتبي الذي يدعوه الناس الشيخ يحيى زمّيتا، وكلاهما من تلاميذ الشيخ بدر الدين شيخ العلماء والمحدّث الأكبر.
وكان الشيخ يحيى أقرب الناس إليه، وكان وكيله في أعماله ورسوله إلى الرؤساء والوزراء في حاجات الناس التي يرفعونها للشيخ. وطالما أنقذ الشيخ يحيى بإمامته في المشيرية (التي صارت لمندوب المفوّض السامي الفرنسي) طالما أنقذ ناساً من الثوار وغيرهم ممن كان يُمسك بهم الفرنسيون وكان مصيرهم الموت، أنقذهم الله به باسم الشيخ بدر الدين وبحسن حيلته ولطف مدخله إلى أولئك الحاكمين.
أمّا الشيخ صادق فكان أيضاً ممن يلازم الشيخ بدر الدين. رجل يغلب عليه صفاء القلب، يقول أحياناً كلاماً مغطّى عجيباً لايكاد يُفهَم. ومن العجائب ما أخبرني به أخي أنور العطار، رحمه الله ورحم الشيخ صادقاً وكل من ذكرته، أن للشيخ صادق أخوين أحدهما اسمه الشيخ عمر المسالخي والثاني اسمه الشيخ علي المستوي.