للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرداء (الجاكيت) لأن الحرّ لا يدعك تُطيق الجاكيت، فعلّقته على كرسي، ورجعت بعد أن غبت ساعتين عن الغرفة فإذا هو مثقَّب ثقوباً منتظمة كالدوائر. ولم أدرِ ما الذي فعل به ذلك حتى دلّوني على حشرة أصغر من الذبابة تقرض الثياب فتُفسِدها، فضاع مني القميص، ولكني جئت أنشر هجاءها الآن على طريقة من قال: «أوسعته شتماً وأودى بالإبل». وقال هذا أحد الحمقى، ولكنه ينطبق مع الأسف علينا أو على أكثرنا -معشرَ العرب أو المسلمين- في هذه الأيام.

ومن أعجب مشاهد الحيوان التي شهدتُها أن حاوياً (أي مربّي الحيّات) دخل علينا فندق «سي فيس هوتيل» (أي فندق جبهة البحر) في بومباي وعرض علينا بعشرين روبية مشهد معركة بين الكوبرا (وهي أخطر أنواع الحيّات بالدنيا، ليست بالطويلة ولكن رأسها بعرض الكف) وبين حيوان نسيت اسمه الآن (١). نفخ في نايه، حتى إذا استغرق في أنغامه أخرج الحيّة من كيسها فانتصبت قائمة تدور حوله مع النغم، وأخرج حيواناً صغيراً جميلاً جداً ليس له ظفر ولا ناب وهو يشبه السنجاب، فلما رأته ورآها هجمت عليه وهجم عليها، ومات الاثنان في لحظة واحدة. فسألت: ما الحكاية؟ قال: إنهما عدوّان، يلتقط رأسها بفمه الكبير ويطبق عليها فتختنق، وتلدغه قبل أن تختنق فيموت الاثنان معاً. وقالوا إنه لولا هذا الحيوان لفتكت الكوبرا بأهل الهند.


(١) هو النِّمْس، والنُّموس من اللّواحِم الصغيرة. قال صاحب القاموس: "النّمس (بالكسر) دُوَيبَّة بمصر تقتل الثعبان" (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>