للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولولا حكمته التي منحه الله منها ما لم يمنح مثله إلاّ القليل، لولا ذلك لكانت فتنة لا يدري إلاّ الله عواقبها، ومن شاء معرفة خبرها وجده في كتاب «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز» للأستاذ الشاعر وكيل وزارة الخارجية السعودية سابقاً خير الدين الزركلي (١). وكان ذلك آخر العهد بالمحمل المصري، والمحمل الشامي كذلك وقف قريباً من ذلك الوقت.

كان يخرج الموكب من دمشق في أوائل شعبان، فيه مَن يمشي على رجليه ومن يركب الدوابّ ومن يسافر على الإبل، وكان للرّحال (٢) على الإبل أنواع تتفاوت مراتبها وأجورها، يركب على البعير اثنان متقابلان من الجانبين، وللنساء هودج هو أشبه بغرفة صغيرة جداً من العيدان تُسدَل الستائر على جوانبها فلا يبين للرجال مَن فيها. وكان «العكّامة» (وفيهم الجمّالون والحمّالون وطوائف من العمال) يسبقون الركب فينصبون الخيام ويُعِدّون الطعام، فإذا وصل الحاجّ وهو تعبان استراح وأكل وصلّى ونام.

وكان يجري كل عام للمحمل ومن معه من الحجّاج في القاهرة وفي دمشق وداع حافل، فكان الموكب في الشام يمتد من قصر الحكومة إلى جنوبي البلد حتى يخرجوا منها، وتجتمع هذه الجموع كلها قرب مسجد العسّالي، وهو قريب من قرية «القَدَم»


(١) مرّ خبر هذه الحادثة في آخر الحلقة الثمانين (في الجزء الثالث) من هذه الذكريات (مجاهد).
(٢) الرحال جمع رَحْل، وهو للإبل كالسرج للفرس، ومنه اشتُقّت كلمة رَحَل وارتحل والرحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>