لما دنا العيد رأينا تباشيره تلوح؛ ففي الأسواق ضجّة وازدحام وفي البيوت حركة واستعداد. فما أهلّ وأصبح صباحه حتى خرج الناس بأبهى الثياب، وثيابهم هذه الأُزُر (الفُوَط) الملوّنة المبرقَشة التي يفتنّون في صنعها وفي تلوينها حتى تحكي ألوانَ الزهر في الروض الأريج. ولبسَت البنات كل زاهٍ من الألوان فاقع وازّيّنَ الأولاد وانتشروا في ساحات جاكرتا كأنهم طاقات من الورد يخطرون في الحدائق إلى جانب الورد، وعُرضت الألاعيب وعلَت في الجوّ طيارات الورق. ولهم فيها صنعة عجيبة، وهي تعلو حتى لتُرى كأنها طيارة حقيقية.
وأَمّ الرجال كلهم المصلّى. كان ذلك قبل أن يُفتح الباب لشياطين الإنس، لجماعة المكفّرين الذين يُسمّون بالمبشرين، وما هم إلاّ من المبشّرين بالعذاب الأليم الذين جعلوا همّهم أن يُخرِجوا المسلم من النور إلى الظلمات ومن الإيمان إلى الكفر، نبّهنا الله إلى الاحتراس من شرّهم ودفع عنّا كيدهم.
حضر صلاةَ العيد في جاكرتا قومٌ يزيدون على مئات الألوف، يكبّرون معاً، ويركعون معاً، ويسجدون معاً. مشهد عظيم عظيم عظيم، أكرّرها ثلاث مرات لتأكيدها وتثبيتها. مشهد لا يرى الإنسان مثله إلا في بلد عاد إلى هذه السنّة (المتبَعة هنا في المملكة) في صلاة العيد في المصلَّيات. وراح الناس يهنئ بعضهم