للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل لأكشف لك عمّا أدخلتَ على قلبي من المسرّة بما كتبت وبما نشرت من مطويّ الذكريات، وأطلقت لساني بالفخار أن نشأ في تلاميذي من هو مثلك، وإن كان التلميذ ربما فاق أستاذه. وقد عشتُ حتى رأيت من تلاميذي مَن صار أرسخ في الأدب مني قدماً وأكثر في الناس علماً، وأوسع ذكراً وأكبر اسماً. فلله الحمد على ذلك، وأشكرك وأرجو لك التوفيق.

* * *

أعود إلى سرد حديث المؤتمر.

لمّا جاءتني الدعوة إلى حضوره هممت -على عادتي دائماً- بالاعتذار عنها والفرار منها، لولا أن هتف بي هاتف (أي كلّمني بالهاتف) من أحد الفنادق في دمشق بأن الشيخ أمجد الزهاوي والشيخ الصواف قد وصلا. فلم يبقَ بُدّ من أن أذهب إليهما، سروراً بلقائهما وقياماً بحقّهما. ووجدت عندهما شيخنا الشيخ بهجة البيطار ورفيقنا الأستاذ محمد المبارك رحمة الله عليهما، فحصراني بالليّن من قولهما والعظيم من حقّهما في زاوية لا أستطيع الخروج منها، فاضطُررت أن أوافق على حضور المؤتمر.

وتركا لي اختيار من يذهب معي أو أذهب أنا معه من دمشق، فنظرت فإذا العاملون في الساحة أكثرهم شيخ كبير له الوجاهة في الناس والصدارة في المجلس، إن مشى مشى الناس وراءه وإن قعد قعدوا بين يديه وإن قال استمعوا لقوله، لكن لا يُرجى منه كبير عمل لأنه استفرغ طاقته وأذهب شبابه وقوّته. ثم إن كثيراً من هؤلاء الذين هم مشايخنا يعيشون (كما أعيش أنا الآن) على

<<  <  ج: ص:  >  >>