أذكر منهم شيخنا الشيخ بهجة البيطار والزعيم الوطني زكي بك الخطيب والأستاذ الخطيب الشيخ جودة المارديني، فلما كبرت أنا ضمّني الناس إليهم فصرت أخطب مع هؤلاء، وإن لم تكن سِنّي من أسنانهم ولا قَدْري من أقدارهم ولا علمي مماثلاً علمهم. ثم جاء بعدي بقليل الأستاذ أحمد مظهر العظمة رحمة الله عليه، فكان يخطب في بعض الحفلات ويخطب في بعضها الأستاذ محمد بن كمال الخطيب زميله وصديقه ورفيقه في إدارة جمعية التمدّن الإسلامي وتحرير مجلتها، ثم نبغ الخطيب البليغ المصقع الأستاذ عصام العطار، ثم جاء جماعة لست أحصيهم الآن.
كانت حفلات الزواج الكبيرة كأنها نادٍ أدبي أو وطنيّ، تُلقى فيها الخطب الوطنية الاجتماعية العلمية ويعلو منبرَها أكابر القوم، ولست منهم، ولكنني خطبت في عشرات منها. أذكر منها الاجتماع الضخم يوم عَقْد أخينا في الله الخطيب البليغ المجاهد الذي احتمل مرضه في سبيل الله الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، ويوم زواج أخي وولدي الأستاذ العالم الشيخ الدكتور محمد الصباغ، ويوم زواج أخي وصديقي الشيخ فخر الدين الحسني، وهو حفيد الشيخ بدر الدين الذي كنّا نسميه المحدّث الأكبر والذي طالما كتبت عنه في هذه الذكريات وفي غيرها.
وقعَت لي يومئذ قصّة طريفة أحدّث بها لأنها إحدى الذكريات: ذكرت جدّه شيخ الشام المحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني، وقلت أنه لم يُرزَق تلاميذ يحملون علمه وينقلون هذا الكنز من المعرفة عنه، فكأنه كان جنّة حُفّت بالمكاره ... وأمثال هذا الكلام. فلما انتهى الاحتفال قالوا لي: إن الشيخ رفيق