أكلّفهم بأعمال ينتفعون منها، كالتحكيم بين الزوجين إذا لم يكن في أهلهما من يصلح للتحكيم، وتقدير النفقات، والبحث والتحقيق عن بعض الأمور التي تحتاج إلى تحقيق. ولم يكونوا يَرزؤون المراجعين شيئاً من أموالهم إلاّ ما أقرّره أنا لهؤلاء المشايخ وطلبة العلم ضمن حدود الشرع والقانون.
فوكّلتهم به ليحاولوا إقناعه، فأصرّ على موقفه ولم يتزحزح عنه. وتبيّن لي ولهم أن مقصده كلّه أن يمنع زواج البنت ليستأثر هو براتبها أو ليضع يده على قسط منه، فهو يخاف أن يأتي الزوج فينازعه فيما يأمله ويطمع فيه. عند ذلك استعملت حقّي فزوجتُهما بالولاية العامّة بعد أن تبيّن أن الوليّ الخاصّ عاضل لها. وإن كانت القاعدة الشرعية أنّ «الولاية الخاصّة أقوى من الولاية العامّة».
وكنت أحرص دائماً على أن يصل المهر كاملاً إلى يد الزوجة فلا يغلبها عليه أبوها كما يفعل كثير من الآباء، يحسبون أن البنت نعجة يبيعونها ويقبضون ثمنها، ومنهم من يقول:"بنتي وأنا حرّ فيها"! لا يا أخانا، لست حراً فيها ولست مالكاً أمرها وليست بضاعة تبيعها وتشتريها، ولكن الشرع جعل لها شخصية حقوقية كاملة، وجعل لها إذا كانت بالغة راشدة أن تتصرف هي بمهرها. فالمهر لها وحدها لا لأبيها وأمها ولا لخالها ولا لعمّها.
* * *
وكان النظام الإداري للزواج في سورية أن تُقدَّم أوراق معيّنة، هي شهادة من المختار (أي العمدة) وعرفاء المحلّة بأنه لا يمنع مانع شرعي من هذا الزواج. وهذه الشهادة للتثبّت