كتابه المعروف «الإنكليز في بلادهم» فصوّرهم فيها كأنهم أشباه ملائكة يمشون على الأرض! ولمّا كنّا صغاراً صدر كتاب «التربية الحديثة» لإدمون ديمولان، ومن قبل ذلك أُعجِب فولتير ثم أندريه موروا بالإنكليز وكتب عنهم، ولكن يظهر أن حبّ المال يُفسِد الأفراد والشعوب، فصار الطبّ كما سمعنا الآن في تلك البلاد وسيلة لابتزاز المال وسلعة تُباع في الأسواق.
ومن عيوب كثير ممّن عرفنا من الأطبّاء إخلاف المواعيد؛ فهو يَعِد المريض الساعة الثامنة صباحاً وهو يعلم أن الكشف عن مرضه يستلزم نصف ساعة أو ساعة، وأن عليه أن يَعِد المريض الذي بعده في الساعة الثامنة والنصف والمريض الثالث في الساعة التاسعة ... ولكن كثيراً من الأطبّاء يضربون موعداً واحداً لجماعة من المرضى حتّى يُجبِروهم على الانتظار، وأكثر ما يكون ذلك عند أطبّاء العيون والأسنان.
وقد ذهبت مرة إلى طبيب عيون في مصر وراء باب اللوق (الذي سُمّي تارة ميدان الفلكي وتارة ميدان الأزهار)، فوجدت غرفة الانتظار ممتلئة بالناس، فيها أكثر من عشرين مريضاً يرقب كلٌّ موعدَه والطبيب لا يستدعي أحداً منهم. فلما طال الانتظار سألت من هو إلى جانبي: متى موعدك مع الطبيب؟ فقال: الآن. وسألت غيره فقال: الآن ... وإذا الطبيب قد أعطاهم جميعاً موعداً واحداً!
ولمّا طال الأمر ولم يُدعَ أحدٌ من المرضى غضبت ونسيت أصول اللباقة وقواعد السلوك واقتحمت على الطبيب غرفته،