عجب لا ينقضي: فهذا مضاهاة لله ولرسوله؛ بل رأى هؤلاء أنهم أفضل من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه يتلقى الشرع من السماء، وهؤلاء جمعوا الأمرين فمثلوا الربوبية والنبوة معا.
أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو رسول يمثل الرسالة، وقيل له فيما نزل عليه {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وقيل له {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، وقيل له {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}. (أي لا تتجاوزوا الحد الذي أمرتم به، وهذا الطغيان متحقق في كثير من الكبراء والرؤساء ومن يمثلهم وينفذ رغباتهم مختارا في هذه الأمور.
وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (والطواغيت كثيرون. ورؤوسهم خمسة. فذكر منهم من حكم بغير ما أنزل الله، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن عُبِد وهو راض.
والصفة الرابعة: هي تمثيلهم لإبليس في الإغواء والتضليل.
والصفة الخامسة: لازمة لمذهبهم وهو أنهم ادعوا بما شرعوه أن لهم البصيرة النافذة والمعرفة بصلاح العباد والعدل بينهم، فهم بهذا ادعوا علم الغيب لزوما؛ فيكون مشرعوا القوانين والحاكمون بها المخالفة لشرع الله قد اتصفوا بخمس صفات من الطغيان، وأبرزها تمثيلهم لإبليس والعياذ بالله.
أما شرك الأتباع لهؤلاء فهو طاعتهم فيما يأمرون به مما خالف شرع الله، وهو شرك منصوص عليه في قوله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية: