وأما الخبائث: جمع خبيثة، وهي الأنثى المؤذيةُ من الجن.
وإنما عاذ رسول الله من الجن والشياطين عند دخول الخلاء؛ لأن الخلاء مأوى الشياطين والجن.
* * *
٢٣٠ - وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقبرَيْنِ فقال:"إنَّهما يُعذَّبان، وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ، أما أحدهما فكانَ لا يستبرِئُ مِنَ البَوْلِ - ويروى: لا يستنْزِهُ مِنَ البَوْلِ - وأما الآخرُ فكانَ يمشي بالنَّمِيمةِ"، ثمَّ أخذَ جَريدةً رطبةً فشقَّها بنصفَين، ثمَّ غرزَ في كُلِّ قبرٍ واحدةً، وقال:"لَعَلَّهُ أنْ يُخفِّفَ عنهُمَا ما لمْ يَيْبَسَا".
قوله:"وما يعذبان في كبير"، (الكبير): الثقيلُ والشديد، يعني: يعذَّبان بسبب ذنبين لم يكن احترازه منهما ثقيلًا؛ لأنه لو كان شيئًا يَشُقُّ عليه الاحترازُ منه؛ لكان معذورًا فيه، ولم يكن له عذابًا، كسَلِسِ البول والمستحاضة؛ فإن ثوبيهما نَجِسان يُصَلِّيان معهما، ولم يكن لهما بذلك إثمٌ؛ لأنهما يشقُّ عليهما الاحترازُ من النجاسة.
ولا يجوز أن يقال: المراد بالكبير ها هنا: الكبيرة من الذنوب؛ لأنه حينئذ يكون معناها: أن النميمة وتركَ الاحتراز من البول ليسا من الكبائر في حقِّ الذي لا يستبرئ ولا يسْتَنْزِه، ومعناهما: لا يحترز ولا يُبْعِدُ من البول.
قوله:"يمشي بالنميمة"، يعني: يمشي إلى كل واحد من الشخصين اللَّذَين بينهما عداوة، ويلقي بينهما العداوة بأن ينقلَ إلى كلِّ واحدٍ منهما ما يقولُ الآخر من الشَّتْم والإيذاء.