٤٤٣٣ - وقالَ:"إنَّ مُوْسى صلواتُ الله عليه كانَ رَجُلًا حَييًّا سِتِّيرًا لا يُرَى منْ جِلْدِهِ شَيءٌ استِحْياءً، فآذاهُ مَنْ آذاهُ منْ بني إِسْرائيلَ فقالوا: ما يَتَسَتَّرُ هذا التَّستُّرَ إلا مِنْ عَيْبٍ بجلدِهِ: إمَّا بَرَصٍ أو أُدْرَةٍ، وإنَّ الله أرادَ أنْ يُبَرِّئهُ، فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ لِيَغْتَسِلَ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ على حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بثَوْبهِ، فجَمَحَ مُوْسى في إثْرِهِ يقولُ: ثَوْبي يا حَجَرُ، ثَوْبي يا حجرُ، حتَّى انتهَى إلى مَلإٍ منْ بني إسْرائيلَ فرأَوْهُ عُرْيانًا أَحْسَنَ ما خَلَقَ الله، وقالوا: والله ما بِمُوسى منْ بَأْسٍ، وأَخَذَ ثوبَهُ وطَفَقِ بالحَجَرِ ضَرْبًا، فوالله إنَّ بالحَجَرِ لَنَدَبًا منْ أثرِ ضربهِ" ثلاثًا أو أَرْبَعًا أو خَمْسًا.
قوله:"كان رجلًا حَييًّا سِتِّيرًا لا يُرَى من جِلْدِه شيءٌ"، الحديث.
(الحَييُّ): المستحي، (السِّتِّيرُ): المستور؛ يعني كان من شأنه؛ أي: يسترُ جميعَ بدنهِ في الاغتسال بحيثُ لا يُرَى من بشرته شيءٌ استحياءً.
"فآذاه مَن آذاه"؛ يعني: إذا كان له هذه العادةُ، وكان بنو إسرائيل يُؤْذُونه بأن يَنْسِبُوا إليه العيوبَ كالبَرَصِ والجُذَام والأُدْرَةِ وغير ذلك، وفي قوله:(مَن آذاه) مبالغة في المعنى؛ أي: آذاه كثيرٌ من بني إسرائيل.
قوله:"إما بَرَص أو أُدْرَة"، (البَرَصُ): بياضٌ يَظْهَرُ في البَشَرة، يخالف لون البشرة، قيل: إنه من اليُبُوسة، و (الأُدْرَة): نَفْخَةٌ في الخِصْيَة.
قوله:"فجمحَ موسى في إِثره، يقول: ثوبي يا حجرُ، ثوبي يا حجرُ"، (جَمَحَ): أسرعَ، الضمير في (إثر) يعود إلى الحجر.
(ثوبي): نصب بفعل مقَّدر؛ أي: أعطِ ثوبي.
قوله:"حتى انتهى إلى ملِأ من بني إسرائيل"، انتهى؛ أي: وصَلَ.
(الملأ): الجماعة الأشراف الذين ليس على شرفهم مَزِيدٌ، واشتقاقُه من (ملأت)؛ أي: يملؤون القلوبَ جلالةً ومَهابةً، ذكره في "لُبَاب التفسير".