والذي اقتضى ذكر تلك الأماكن مع التفاوت الذي فيها: هو اختلافُ أحوال السامعين في الإحاطة بها علمًا، فبيَّن مقدار مسافة كل قطر من أقطار الحوض؛ تارةً بما يقطعها المسافر من الشهر، وتارة بالأماكن المختلفة المشهورة عند الناس؛ لتقعَ المعرفةُ عند كل أحد على حسب ما عنده من المعرفة ببُعدِ ما بين هذَين الموضعين، ولو أراد التحديد لاقتصرَ أن يأتي في بيانه بذكر موضع لا يُعلم لأحدٍ، فلم يكد يتحقَّق عند السامع مقدارُه، هذا كلُّه منقول من "شرحه".
قوله:"وإني لأَصدُّ الناسَ عنه كما يَصُدُّ الرجلُ إبلَ الناسِ عن حَوضه"، قال في "الصحاح": صَدَّ عنه يصُدُّ صدودًا: أعرضَ، وصَدَّه عن الأمر صدًّا: منعَه وصرفَه عنه.
(الناس) ها هنا: الكفَّار؛ يعني: إني لأَمنعُ الكَفَرةَ عن حوض الكوثر، كما يمنع الرجلُ إبلَ غيرِه عن حوضه، وإنما منعَهم عن الورد عن الحوض؛ لأنهم لا يستحقُّون ذلك للكفر.
قوله:"لكم سِيمَا"، (السِّيما): العلامة.
قوله:"تَرِدُون عليَّ غُرًّا محجَّلين من أثر الوضوء"، (غُرًّا محجَّلين): منصوبان على الحال، (الغُرُّ) جمع: أغرّ، وهو أفعل من: الغُرَّة، وهي بياض الوجه، و (المحجَّل): مفعول من: التحجيل، وهو بياض الأيدي والأرجل؛ يعني: علامةُ أُمتي من بين الأمم السالفة: نورٌ يلوح في أعضاء وضوئهم من آثار الوضوء، وبذلك يتميزون عن غيرهم.
قوله:"يَغتُّ فيه مِيزَابانِ يَمُدَّانِه من الجنة"، قال في "الغريبين"؛ أي: يدفقان فيه الماءَ دفقًا متتابعًا دائمًا، مأخوذ من قولك: غتَّ الشاربُ الماءَ: [شربَ] جرعًا بعد جرعٍ.