إن قيل: الأعمال أعراضٌ، والأعراضُ لا يمكن وزنُها، إنما توزن الأجسام؟
قيل: إنه يوزن مجال الأعمال التي الأعمالُ مكتوبة فيها، وهي صحائف الأعمال.
وقيل: إنه سبحانه يخلق في كفة ميزان السعداء ثقلًا، وفي كفة الأشقياء خفة؛ هي علامة للسعادة والشقاوة.
والقولان متفرعان على مذهب من يجري الوزن والميزان على الظاهر، وهو مذهب أهل السنة.
وأما مَن يحمله على المعنى فيقول: إن الوزنَ في الأجسام علامةٌ يُعرَف بها الربح والخسران، ففي الأعمال في الآخرة علامةٌ تظهر بها السعادة والشقاوة، نحو بياض الوجوه وسوادها عند مَن يحمله على المعنى، وهو مذهب المعتزلة والفلاسفة.
قوله:"ولا يثقل مع اسم الله شيء"؛ أي: مَن كان معه ذِكرُ الله تعالى فلا يقاومه شيءٌ لا من المعاصي، بل يترجَّح الذَّكرُ على سائر المعاصي.
* * *
٤٣١١ - عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّها ذَكَرَت النَّارَ فَبَكَتْ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يُبكيكِ؟ " قالت: ذَكَرْتُ النَّارَ فبَكيتُ، فهلْ تذكُرونَ أَهْليكُمْ يَوْمَ القِيامةِ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا في ثلاثةِ مَواطِنَ فلا يَذْكُرُ أَحَدٌ أحدًا: عِنْدَ الميزانِ حتَّى يَعْلَمَ أيَخِفُّ ميزانُه أم يثقُلُ، وعندَ الكتابِ حينَ يُقالُ {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} حتَّى يَعْلَمَ أينَ يقعُ كتابُه أفي يمينهِ أمْ في شِمالِهِ أو منْ وراءِ ظهرِه، وعند الصِّراطِ إذا وُضعَ بينَ ظَهْراني جَهَنَّمَ".