حلال، و (أطيب): أفعل التفضيل من (الطِّيب)، وهو الحلال؛ يعني: أولادُكم من أحلِّ أكسابكم وأفضلِها، كُلُوا مما كسب أولادُكم، فإنه حلالٌّ لكم، وإنما سُمِّي الولدُ أطيبَ كسبٍ وأحلَّه؛ لأنه أصلُه والسببُ الظاهرُ، ولم يكنْ قبلَه لأحدٍ، بخلاف كلِّ الأموالِ؛ لأنها زائلةٌ منتقلةٌ؛ كانت للغير، وسوف تنتقل إلى آخر، والولدُ لم يملكْه أحدٌ قبلَه، ولا يُملَك أبدًا.
* * *
٢٥١١ - وعن عمروِ بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ رَجُلًا أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني فقيرٌ وليسَ لي شيءٌ، وَلي يتيمٌ، فقال:"كُلْ مِن مالِ يتيمِكَ غيرَ مُسرِفٍ، وَلا مُبادِرٍ، ولا مُتَأثِّلٍ".
قوله:"ولي يتيمٌ"، (اليتيم): الطفل الذي لا أبَ له؛ أي: ولي يتيمٌ في حجري؛ لأني وَصِيٌّ أو قيمٌ له.
قوله:"كُلْ من مال يتيمِكَ غيرَ مُسرِفٍ، ولا مُبادِرٍ، ولا مُتأثِّلٍ"، (المُسرِف): المُفرِط، (المُبادِر): السابق، (المُتأثِّل): اسم فاعل من (تأثَّل): إذا اتخذ شيئًا من أصل مالِهِ؛ يعني: يجوز لوصيِّ اليتيم أن يأكلَ من ماله إذا سعى فيه مقدارَ أجرةِ السعي إن كان محتاجًا، قال الله تعالى:{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ٦]؛ أي: قدرَ أجرة السعي.
(غير مُسرِف)؛ أي: غيرَ مُفرِط في الإنفاق على نفسه من ماله، (ولا مُبادِرٍ)؛ أي: مُسرِعٍ في أكل ماله مخافةَ أن يَبلغَ، فيَلزمَه تسليمه، قال الله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}[النساء: ٦].
(ولا مُتأثِّلٍ)؛ أي: مُتَّخِذٍ أصلَ مالِهِ من مال اليتيم.