قال في "الصِّحاح": طعام جَشِبٌ وجَشُوب - بالجيم - أي: غليظ.
قوله:"ولا يُكلِّفه من العمل ما يغلبه"، قال في "شرح السُّنَّة": يعني - والله أعلم -: لا يُكلِّفُه إلا ما يُطيق الدوامَ عليه، لا ما يُطيقُ يومًا أو يومين أو ثلاثةً، ثم يعجز، وجملةُ ذلك: ما لا يضرُّ ببدنه الضررَ البَينَ.
اعلمْ أنَّ لكلِّ واحدٍ من السيد والمملوك حقًّا على صاحبه؛ أمَّا حقُّ السيد على المملوك: فهو أن يَنقادَ لسيده، ويمتثلَ أمرَه في جميع الأوقات إلا أوقات الصلوات الخمس؛ فإنها حقُّ الله تعالى، وهو مُقدَّمٌ على حقِّ سيده، وأمَّا حقُّ المملوك على السيد: فهو أن يُطعمَه ويَكسوَه بالمعروف، ولا يُكلِّفَه من الأعمال ما لا يُطيق عليه، كما ذُكر قبلُ.
* * *
٢٥٠٠ - وعن عبدِ الله بن عَمرٍو - رضي الله عنهما -: جاءه قَهْرَمانٌ له فقالَ: أَعطيتَ الرَّقيقَ قوتَهم؟ قال: لا، قال: فانطلِقْ فأَعطِهم فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"كَفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يَحبسَ عَمَّن يملكُ قُوْتَه".
وفي روايةٍ:"كفى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضَيعَ مَن يَقُوتُ".
قوله:"وجاءه قَهرَمان له ... " إلى آخره، (القَهْرَمان): الوكيل، كأنه مُعرَّبٌ، أو مأخوذٌ من (القهر)؛ لأنَّ الوكيلَ مقهورُ الأمر بالنسبة إلى مُوكِّله.
قوله:"كفى إثمًا أن تحبسَ عمَّن تملك قُوتَه"، (كفى): فعلٌ ماضٍ، وفاعله فيه مُضمَر فسَّره (إثمًا)؛ أي: كفى الإثم إثمًا حبسُك الطعام، و (أن) مع ما بعده: مبتدأ، و (كفى): خبرٌ مقدَّمٌ، مثل: بئس رجلًا زيد، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أو (أن): فاعل (كفى)، و (إثمًا): نُصب على الحال أو التمييز؛ يعني: لو لم يكن لك إثمٌ إلا إثمَ منع القُوت عن المماليك والعِيال، أو تأخير