الناصح فليكن أول من تبدأ به أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل. وليك خالد بن سعيد ثالثا. فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا. وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوى عنهم بعض الخبر. قال محمد بن عمر: فقلت لموسى بن محمد أرأيت قول أبي بكر قد اختارك على غيرك؟ قال: أخبرني أبي أن خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه: أي الأمراء أحب إليك؟ فقال: ابن عمي أحب إلي في قرابته وهذا أحب إلي في ديني فإن هذا أخي في ديني على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وناصري على ابن عمي. فاستحب أن يكون مع شرحبيل بن حسنة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال:
شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين وفحل ومرج الصفر. وكانت أم الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها بأجنادين فأعدت أربعة أشهر وعشرا. وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها. وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة. فحطت إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربعمائة دينار. فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد أن يعرس بأم حكيم فجعلت تقول: لو أخرت الدخول حتى يفض الله هذه الجموع. فقال خالد: إن نفسي تحدثني أني أصاب في جموعهم. قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر فبها سميت قنطرة أم حكيم. وأولم عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على طعام فما فرغوا من الطعام حتى صفت الروم صفوفها صفوفا خلف صفوف وبرز رجل منهم معلم يدعو إلى البراز فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة. فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب ورجع إلى موضعه. وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقتل.
وشدت أم حكيم بنت الحارث عليها ثيابها وعدت وإن عليها لدرع الحلوق في وجهها. فاقتتلوا أشد القتال على النهر وصبر الفريقان جميعا وأخذت السيوف بعضها بعضا فلا يرمي بسهم ولا يطعن برمح ولا يرمي بحجر ولا يسمع إلا وقع السيوف على الحديد وهام الرجال وأبدانهم. وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها. وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا