وهو أمير على سرية فمر بفتيان من فتيان الجند فضحكوا وقالوا: هذا أميركم؟ فقلت:
يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء ما يقولون؟ قال: دعهم فإنما الخير والشر فيما بعد اليوم.
إن استطعت أن تأكل من التراب فكل منه ولا تكونن أميرا على اثنين. واتق دعوة المظلوم والمضطر فإنها لا تحجب.
قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثنا ثابت قال: كان سلمان أميرا على المدائن فجاء رجل من أهل الشام من بني تيم الله معه حمل تين. وعلى سلمان أندرورد وعباءه. فقال لسلمان: تعال احمل. وهو لا يعرف سلمان. فحمل سلمان فرآه الناس فعرفوه فقالوا: هذا الأمير. قال: لم أعرفك. فقال له سلمان: لا حتى أبلغ منزلك.
قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي قال: سمعت شيخا من بني عبس عن أبيه قال: أتيت السوق فاشتريت علفا بدرهم فرأيت سلمان ولا أعرفه فسخرته فحملت عليه العلف. فمر بقوم فقالوا: نحمل عنك يا أبا عبد الله. فقلت:
من هذا؟ قالوا: هذا سلمان صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: لم أعرفك. ضعه عافاك الله. فأبى حتى أتي به منزلي فقال: قد نويت فيه نية فلا أضعه حتى أبلغ بيتك.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم وروح بن عباده قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن خالد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن ميسرة أن سلمان كان إذا سجدت له العجم طأطأ رأسه وقال: خشعت لله.
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان قال: بلغني أنه قيل لسلمان الفارسي: ما يكرهك الإمارة؟ قال: حلاوة رضاعتها ومرارة فطامها.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن هشام بن الغازي عن عباده بن نسي أن سلمان كان له حبى من عباء وهو أمير الناس.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: حدثنا مالك بن أنس أن سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيث ما دار ولم يكن له بيت. فقال له رجل: ألا أبني لك بيتا تستظل به من الحر وتسكن فيه من البرد؟ فقال له سلمان: نعم. فلما أدبر صاح به فسأله سلمان: كيف تبنيه؟ فقال: أبنيه إن قمت فيه أصابك رأسك وإن اضطجعت فيه أصاب رجلك. فقال سلمان: نعم.