للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فابن النّحاس حكى عنه أنّه كان يخفض هنا بـ (كم)، ولا يحذف شيئا (١).

قال ابن خروف: ولا يمكن الخفض بها؛ لأنّها بمنزلة عدد ينصب ما بعده، ولا يخفضه، فلو خفضت ما بعدها مرة، ونصبته مرة لزم تفضيل الفرع على الأصل، وأيضا لو كانت صالحة للجرّ بها إذا دخل عليها حرف جرّ لصلحت للجرّ بها إذا عريت من حرف الجرّ، ولا شيء من المميزات الصالحة لنصب مميزها، ولجرّه بإضافتها إليه يشترط في إضافته أن يكون هو مجرورا، فالحكم بما حكم به الزجاج، ومن وافقه حكم بما لا نظير له، فخولف مقتضيه، ورغب عنه لا فيه.

ولا يجوز جمع مميّز الاستفهامية، كما لا يجوز جمع مميز العدد الذي أجريت مجراه وأجاز ذلك الكوفيّون، ولا حجّة لهم (٢)، وإن ورد ما يوهم جواز ذلك حمل على أنّ المميز محذوف، وأنّ الجمع الموجود منصوب على الحال، نحو أن يقال: «كم لك شهودا؟» و «كم عليك رقباء؟»، والتقدير: كم إنسانا لك شهودا؟، وكم نفسا عليك رقباء؟ (٣) ولو قصد بـ (كم) الإخبار على سبيل التكثير جرت مجرى (عشرة) مرة، ومجرى (مائة) أخرى وقد سبق الكلام على ذلك تبيينا وتمثيلا، ومميزها مجرور بإضافتها إليه، كمميّز ما حملت عليه.

وزعم الفراء أنّ الجرّ بعدها بـ (من) مقدرة، ولا سبيل إلى ذلك، كما لا سبيل إليه فيما حملت عليه، ولأن الجرّ بعدها لو كان بـ (من) مقدرة، لكان جوازه مع الفصل مساويا لجوازه بلا فصل؛ لأنّ معنى (من) مراد واستعمالها سائغ -


(١) في المساعد لابن عقيل (٢/ ١٠٨ - ١٠٩): «وخالف الزجاج وحده، فحكى النحاس عنه أنه كان يخفض هنا بـ (كم) ولا يحذف شيئا وهو ضعيف، لالتزامهم حينئذ دخول حرف الجر عليه، ولو كان على الإضافة لم يلزم ذلك ولأنها بمنزلة عدد ولا يكون ذلك فيه». اه.
(٢) في التذييل والتكميل (٤/ ٣٥٢، ٣٥٣): «وهذه المسألة فيها ثلاثة مذاهب:
أحدها: مذهب جمهور البصريين، أنه لا يجوز أن يكون تمييز الاستفهامية جمعا.
الثاني: أنه يجوز، وهو مذهب الكوفيين، حكاه عنهم الأخفش كما يجوز ذلك في التمييز الخبرية.
الثالث: أنك إذا أردت بالجمع أصنافا من الغلمان جاز، فتقول: كم غلمانا لك؟ تريد: كم عندك من هذه الأصناف، وهو مذهب الأخفش وإليه جنح بعض أصحابنا ..». اه.
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٣٥٣) حيث قال: «فيخرجها البصريّون على أن (غلمانا) انتصب على الحال، والتمييز محذوف مفرد، والتقدير: كم نفسا لك؟، و (لك) في موضع الخبر، وجاءت الحال جمعا على المعنى، إذ يجوز أن يراعي لفظ (كم) فيفرد الخبر والحال». اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>