للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومشيا وعدوا، ولقيته عيانا، وأخذت ذلك عنه سمعا، وسماعا»، وأنشد سيبويه:

١٧٧٥ - فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا ... على ظهر محبوك ظماء مفاصله (١)

أي: حملنا وليدنا لأيا بلأي، أي: مبطئين. قال سيبويه: كأنه يقول: جهدا بعد جهد، وأنشد أيضا:

١٧٧٦ - ومنهل وردته التقاطا (٢)

أي: فجأة، فهذه المصادر في عدم القياس عليها بمنزلة الواردة نعوتا كرجل رضا وعدل وصوم وزور، إلّا أنّ جعل المصدر حالا أكثر من جعله نعتا (٣).

وقد اختلف في نصب الألفاظ المذكورة وهي المصادر الواقعة موقع الأحوال:

فقيل: إمّا مفاعيل مطلقة، وأنّ قبل كل واحد منها فعلا مقدّرا هو الحال، وهو رأي الأخفش (٤) والمبرد (٥). -


(١) البيت من الطويل، وقائله زهير بن أبي سلمى في وصف فرسه وينظر: في ديوانه (ص ١٣٣)، وسيبويه (١/ ٣٧١)، والتذييل (٣/ ٧٢٢)
واللأي: البطء، والمحبوك: الشديد الخلق، والظماء:
القليلة اللحم. والشاهد فيه: نصب «لأيا» على المصدر الموضوع موضع الحال.
(٢) هذا بيت من الرجز، لم يعرف قائله. وينظر: في سيبويه (١/ ٣٧١)، وشرح شواهده للأعلم (١/ ١٨٦). والمنهل: المورد. والمعنى - كما قال الأعلم -: وردته ملتقطا له - أي: مفاجئا - لم أقصد قصده لأنه في فلاة مجهولة. والشاهد: نصب «التقاطا» على المصدر الواقع موقع الحال.
(٣) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٢٨)، والرضي على الكافية (١/ ٢١٠).
(٤) ينظر: مذهبه في السابق والارتشاف (٢/ ٣٤٢). وسيأتي مذهب الكوفيين في هذه المسألة.
(٥) نسب ذلك إلى المبرد بعض العلماء منهم ابن مالك في شرحه (٢/ ٣٢٨) والرضي في شرح الكافية (١/ ٢١٠)، وأبو حيان في الارتشاف (٢/ ٣٤٢)، وكلام المبرد في المقتضب يدل أنه يعرب المصادر المذكورة أحوالا على تأويلها بوصف، ولكن قد يأتي في ثنايا كلامه ما يفهم منه أنه يعرب المصدر مفعولا مطلقا لفعل محذوف.
ومن كلامه في ذلك: «ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسدّ مسدّه فيكون حالا؛ لأنه قد ناب عن اسم الفاعل، وأغنى غناءه وذلك قولهم: قتلته صبرا، إنّما تأويله: صابرا، أو مصبرا، وكذلك جئته مشيا؛ لأن المعنى: جئته ماشيا، فالتقدير: أمشي مشيا؛ لأنّ المجيء على حالات، والمصدر قد دلّ على فعله من تلك الحال. ينظر: المقتضب (٣/ ٢٣٤) مع تعليق المحقق عليه (ص ٢٦٨) من الجزء نفسه.
وقال في (٤/ ٣١٢): هذا باب ما يكون من المصادر حالا لموافقته الحال، وذلك قولك: جاء زيد مشيا، إنما معناه: ماشيا؛ لأنّ تقديره: جاء زيد يمشي مشيا، وكذلك جاء زيد عدوا وركضا، وقتلته صبرا ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>