للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلا إن كانت إلا بمعنى غير، وقد عرفت أن الأمر إذا كان كذلك لا يكون الكلام وإلا بمنطوقة على إثبات الإلهية لله تعالى.

والمقصود الأعظم هو إثبات الإلهية لله تعالى بعد نفي الإلهية عن غيره وعلى هذا يمتنع هذا التوجيه، أعني كون «إلا الله» صفة لاسم لا (١).

وأما التوجيه الأول؛ فقالوا فيه: لم يرجح البدل، وكان حقه أن يكون راجحا لأن الكلام غير موجب، والمقتضي لعدم أرجحية البدل هنا أن الترجيح في نحو: ما قام القوم إلا زيد إنما كان لحصول المشاكلة، حتى لو جعلت المشاكلة في [٢/ ١٥٤] تركيب استويا نحو: ما ضربت أحدا إلا زيدا فمن ثم قالوا: إذا لم تحصل مشاكلة في الإتباع كان النصب على الاستثناء أولى، قالوا: وفي هذا التركيب يترجح النصب في القياس، لكن السماع والأكثر الرفع (٢)، ونقل عن الأبذي (٣) أنك إذا قلت: لا رجل في الدار إلا عمرو، كان نصب إلا عمرا على الاستثناء أحسن من رفعه على البدل (٤)، هذا ما ذكروه.

والذي يقتضيه النظر: أن النصب لا يجوز، بل ولا البدل أيضا، وتقرير ذلك أن يقال إلا في الكلام التام الموجب نحو: قام القوم إلا زيدا متمحضة للاستثناء، فهي تخرج ما بعدها مما أفاده الكلام الذي قبلها، وذلك أن هذا الكلام إنما قصد به الإخبار عن القوم بالقيام ثم إن زيدا منهم لو لم يكن شاركهم فيما أسند إليهم، فوجب إخراجه، وكذا حكم «إلا» في الكلام غير الموجب الذي هو تام أيضا نحو: ما قام القوم إلا زيدا، فإنها متمحضة فيه للاستثناء بغير ما قلناه في الموجب، وأما الكلام الذي هو غير تام فإلا مسوقة فيه لإثبات المنفي قبلها للمذكور بعدها نحو: ما قام إلا زيد، أعني أن المقصود منها ذلك، ومن ثمّ كان نحو هذا التركيب مفيدا للحصر، مع أنها للاستثناء أيضا، لأن المذكور بعد «إلا»، لا بد أن يكون -


(١) ينظر روح المعاني للألوسي (٧/ ٣٧١).
(٢) ينظر حاشية الصبان (٢/ ١٤٤)، والتصريح (١/ ٣٤٩)، وحاشية الخضري (١/ ٢٠٤).
(٣) سبقت ترجمته.
(٤) لم يذكر ابن عصفور في هذا المثال في شرح الجمل إلا النصب على الاستثناء، يقول: فأمّا قولهم:
لا رجل في الدار إلا عمرا، فعلى الاستثناء. اه.
(شرح الجمل له (١/ ٢٩٣) ط العراق، وينظر الهمع (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>