٣١٧ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَهْيَمْ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: مَا
ــ
[إحكام الأحكام]
قُلْتُ: هَذَا أَوَّلًا بَعِيدٌ فَإِنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ يَقْضِي تَعْيِينَ مَوْضِعِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِيهَا، وَأَنَّهَا الَّتِي انْعَقَدَ بِهَا النِّكَاحُ وَمَا ذَكَرَهُ يَقْتَضِي وُقُوعَ أَمْرٍ آخَرَ انْعَقَدَ بِهِ النِّكَاحُ وَاخْتِلَافَ مَوْضِعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَأَيْضًا فَلِخَصْمِهِ أَنْ يَعْكِسَ الْأَمْرَ، وَيَقُولَ: كَانَ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ.
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " زَوَّجْتُكَهَا " إخْبَارًا عَمَّا مَضَى بِمَعْنَاهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ التَّمْلِيكَ: هُوَ تُمْلِيك نِكَاحٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى " مُلِّكْتَهَا " الَّتِي لَمْ يُتَعَرَّضْ لِتَأْوِيلِهَا: يَبْعُدُ فِيهَا مَا قَالَ، إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي بِمَعْنَاهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَعْكِسَهُ، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِي مِثْلِ هَذَا: أَنْ يُنْظَرَ إلَى التَّرْجِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[النِّكَاحِ بِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ] ١
وَفِي لَفْظِ الْحَدِيثِ: مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ يَرَى جَوَازَ النِّكَاحِ بِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَالرِّوَايَاتُ مُخْتَلِفَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا - أَعْنِي قَوْلَهُ " بِمَا مَعَكَ " وَالنَّاسُ مُتَنَازِعُونَ أَيْضًا فِي تَأْوِيلِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ " الْبَاءَ " هِيَ الَّتِي تَقْتَضِي الْمُقَابَلَةَ فِي الْعُقُودِ، كَقَوْلِك: بِعْتُكَ كَذَا بِكَذَا، وَزَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهَا بَاءَ السَّبَبِيَّةِ، أَيْ بِسَبَبِ مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، إمَّا بِأَنْ يُخْلَى النِّكَاحُ عَنْ الْعِوَضِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ لِهَذَا الْحُكْمِ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَإِمَّا بِأَنْ يُخْلَى عَنْ ذِكْرِهِ فَقَطْ، وَيَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الشَّرْعِ فِي أَمْرِ الصَّدَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute